المقدمة (١)
النهضة العلمية في ظل الدولة الإسلامية
ومواطن ضعفها
قصدت من عقد هذا المبحث بيان أسباب قوة وضعف الحركة العلمية في بلاد الإسلام ، لكن لما كان الخوض في هذا الأمر يحوج المتصدي له إلى كثرة الاعتراض والاستطراد في ذكر تواريخ نشوء الدول وزوالها ، والإشارة إلى نبذ من أحوالها وأخبارها ، اخترت الاستهلال بمدخل تاريخي يشتمل على عرض صور موجزة للدول الإسلامية المتعاقبة ، مع الإسهاب في ذكر خبر التتار خاصة. ومن ثمّ أشرع في الموضوع الذي قصدت إليه.
المدخل التاريخي
تعد الأمة الإسلامية سيدة الأمم في مجال العلم ، ورائدتها في إقامة الحضارة المتوازنة التي طالما كان يتطلع إليها عقلاء الأمم ، لتنقذهم من غياهب الظّلم والظّلم ، إلى نور العدل ، وشريعة الحق.
والعلم الذي أقام تلك الحضارة المشرقة ، هو العلم المؤسّس على الفطرة السليمة التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها.
فالإسلام دعا إلى العلم ، وحثّ عليه ، وأرشد إليه ، وليس أدلّ على هذا من أن البعثة النبوية افتتحت بتلك الآيات المباركات : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي
__________________
(١) اعتمدت في جمع وتصنيف هذه المقدمة على أمهات الكتب التاريخية القديمة والحديثة ، ولم أتعرض فيها لعزو المعلومات إلى مصادرها إلا عند ذكر النصوص ، والضرورة.