وليس من الإنصاف في دراستنا للتاريخ وإحيائنا للتراث أن ننظر إلى الماضي بعين الحاضر ، أو أن نطلب من السابقين أن يعالجوا أحداث الماضي بنفس المنهج والأسلوب اللذين ننشدهما في واقعنا الحاضر ، فلكل عصر مستواه الفكري والحضارى ؛ ولكل جيل نظرته التي يقيم بها الحياة ومشاكلها.
لذلك لا أريد أن أظلم صاحب الكتاب بالإسهاب فيما يعتبره البعض مآخذ من وجهة نظرنا المثالية. حقيقة إن منهج المؤلف تغلب عليه صفة السرد والإطناب والاستطراد حينا ، والإيجاز والاقتضاب والاختصار أحيانا. هذا فضلا عن عدم عنايته بتقسيم الكتاب إلى وحدات موضوعية ، تساعد القارىء في الانتقال من حلقة إلى أخرى ، وكأن الكتاب من أوله لآخره فقرة واحدة طويلة متداخلة العبارات ، وحقيقة أننا نلمس أحيانا في الكتاب عدم انتظام بعض العبارات والمعاني ، بسبب سقوط أو ضياع جملة ، وعدم التمسك بأصول النحو وقواعد الإملاء ... ولكن هذه المآخذ لا ينبغى في نظرنا أن تجعلنا نسرف في توجيه اللوم والنقد إلى مؤلف الكتاب أو ناسخه ، دون أن نقدر الظروف التي أحاطت بهما ، والإمكانات التي أتيحت لهما. وربما كان أقرب إلى العدالة والصواب أن نشيد بالجهد الذي بذله هؤلاء وأمثالهم في تسجيل تراث السلف ، وهو تراث غني دسم ، من حقنا أن نفخر به ويفخر به من بعدنا الأبناء والأحفاد على مر الأيام والعصور.
ولا يفوتنى في ختام هذه المقدمة الموجزة أن أتقدم بالشكر لدولة عمان ، سلطانا وحكومة وشعبا ، على المعونة التي قدمها لي معالي