ومن فضائله ـ رحمه الله ـ أنه كان يعطى نفقة ـ له ولعياله ـ من بيت المال. ولم يكن لهم صفرية (١) يطبخون فيها طعامهم. فكانت زوجته تنقص من النفقة قليلا قليلا ، حتى باعته ، واشترت منه صفرية. فلما رآها الإمام سألها «من أين لك هذه الصفرية؟» فأخبرته بما صنعت. فقال لها : «استعمليها ، وهي لبيت المال». وأمر وكيل الغالة (٢) أن ينقص من نفقتهم قدر ما كانت هي تنقصه ، والله أعلم.
وقيل إن القاضى [م ٣٦٨] محمد بن عمر دخل ذات يوم على الإمام ، فرآه متغير الوجه ، فسأله عن حاله فلم يخبره ، فألح عليه ، فأخبره أنه لم يكن معه شيء ينفقه على عياله لسنة العيد فذكر محمد بن عمر للوالي أن يدفع له شيئا (٣) من الدراهم من بيت المال فقيل إنه دفع له عشر محمديات والله أعلم.
وفضائله لا تحصى ، رحمه الله.
__________________
(١) الصفر : النحاس الجيد ، وقيل ضرب من النحاس تصنع منه الأواني. والصفار : صانع الصفر (لسان العرب) ومن الواضح أن المقصود بالصفرية قدر من النحاس يطهى فيه الطعام
(٢) المقصود الغلة ، وهو الداخل الذي يحصل من الزرع والثمر وغير ذلك قال ابن الأثير في تفسير الحديث (الغلة بالضمان) إن الغلة تعني الخراج (لسان العرب)
(٣) في الأصل (يشاء من الدراهم).