[م ٢٢٩] فلما توسط مالك الطريق ، حنّت إبله إلى مراعيها ، وجعلت تتلفت إلى السراة وتردد الحنين. وسار إلى عمان ، لعله من الحجاز لا يمر بحىّ من أحياء العرب ـ من معد وعدنان ـ إلا سالموه ووادعوه ، لمنعته وكثرة عساكره.
ثم سار حتى نزل برهوت (١) ـ وهو واد بحضرموت ـ فلبث فيه حتى راح واستراح. وبلغه أن بعمان الفرس ـ وهم ساكنوها ـ فعبأ عساكره وعرضها ، فيقال إنهم كانوا ستة آلاف فارس وراجل. فاستعد قاصدا عمان ؛ وجعل على مقدمته ابنه هناءة (٢) ـ ويقال فراهيد (٣) ـ في ألفي فارس من صناديد قومه. فلما وصل الشحر تخلف مهرة بن حيدان (ابن عمرو) (٤) بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير ؛ فنزل الشحر (٥).
فسار مالك حتى دخل عمان ، بعسكره في الخيل والعدة والعدد. فوجد بها الفرس من جهة الملك دارا بن دار بن بهمن ، وهم يومئذ أهلها وسكانها. والمتقدم عليهم المرزبان عامل الملك. (٦).
فعند ذاك اعتزل مالك بمن معه إلى جانب قلهات (٧) ـ من شط عمان ـ ليكون أمنع لهم. وترك العيال والأثقال ، وترك معهم من يمنعهم من العسكر وسار ببقية العسكر. وجعل على المقدمة ابنه هناءة في ألفي فارس
__________________
(١) برهوت : بئر بسفلى حضرموت قديمة.
(الهمداني : صفة جزيرة العرب ، ص ٢٧٠)
(٢) في الأصل (هناة) وهو تخفيف الاسم الأصلي (هناءة).
(٣) في الأصل (فراهيدا)
(٤) ما بين حاصرتين إضافة من (تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان ـ للسالمي) ـ ج ١ ص ٢٣.
(٥) الشحر ـ بكسر الشين المعجمة وسكون الحاء ـ ساحل حضرموت (الهمداني : صفة جزيرة العرب ـ ص ٥٧).
(٦) أي ملك فارس ، والمرزبان الرئيس عند الفرس وجمعه مرازبة.
(٧) قلهات : فرضة عمان على البحر ، إليها ترفأ أكثر سفن الهند.