فلما كانت (١) تلك الليلة أشهروا الزفة ، وعمدوا إلى سليمة ، فألبسوه الحلل الفاخرة ، والحلى السني ، وضمخوه بالطيب ، وكان شابا حسنا جميلا.
وكان [سليمة](٢) قد شحذ سكينا وجعلها في سراويله. وزفوه في الخدم والحشم ، حتى انتهوا به إلى الحصن. ففتحت [م ٢٥٠] لهم الأبواب ، ودخلوا به ، ونظر إليه الملك في ضوء المشاميع ، وهو في تلك الهيئة الحسنة الجميلة ، [ف] أهاله (٣) منظره ، وسلب لبه وعقله ، [وتوهم أنه المرأة](٤). فأومأ إلى النساء والخدم لينصرفوا ، فانصرفوا.
فأغلق الأبواب ، وأرخى الستور ، وبقي هو وسليمة في غرفة واحدة. وأهوى إليه يقبله ويضمه إلى صدره ، فاسترخى سليمة ، وجعل يلاعبه ويداعبه ـ كما تفعل الجارية ـ حتى تمكن منه ؛ فأخرج السكين ، وضربه بها في خاصرته ، وقتله.
ولبس سليمة درع الملك ، وتقلد السيف ، وجعل على رأسه البيضة ، وبات متأهبا ، ولم يعلم أحد بما صنع بالملك ، وبات الذين بايعوه في خوف عظيم ، لا يدرون ما يكون من أمر سليمة والملك.
فلما طلع الفجر ، وثب سليمة إلى الأبواب ففتحها ، وخرج على الحراس وخاصة الملك وحجابه ، فوقع فيهم السيف حتى أباد عامتهم ، وباب العامة مغلوق لم يفتحه.
ووقع الضجيج في الحصن ، وعلت الأصوات ، فأقبل أهل البيعة وغيرهم من أهل البلد بالسلاح التام [م ٢٥١] ، فأشرف عليهم سليمة من أعلى الحصن ،
__________________
(١) في الأصل (كان)
(٢) ما بين حاصرتين إضافة للتوضيح.
(٣) هالني الأمر يهولني هولا أي أفزعني ، هلته فاهتال أفزعته ففزع (القاموس المحيط) وما بين حاصرتين إضافة
(٤) ما بين حاصرتين إضافة من تحفة الأعيان للسالمى (ج ١ ص ٤٤).