رسول الله صلى الله عليه وسلم! ويا معشر قريش! هذه أمانة كانت في أيدينا وفي ذمتنا ، ووديعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد برئنا (١) إليكم منها» ، فقال أبو بكر : «جزاكم الله خيرا» (٢).
وقام الخطباء بالثناء عليهم والمدح ، فقالوا : «كفاكم معاشر الأزد قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وثناؤه (٣) عليكم». وقام عمرو بن العاص ، فلم يدع شيئا من المدح والثناء (٤) إلا قاله في الأزد ، وجاءت وجوه الأنصار من الأزد وغيرهم مسلّمين على عبد ومن معه.
فلما كان من الغد ، أمر أبو بكر فجمع الناس ـ من المهاجرين والأنصار ـ وقام أبو بكر خطيبا ، فحمد الله وأثنى (٥) عليه ، وذكر النبى فصلى عليه ، فقال : «معاشر أهل عمان! إنكم أسلمتم طوعا ، لم يطأ رسول الله ساحتكم بخف ولا حافر ، ولا عصيتموه كما عصت غيركم من العرب. ولم ترموا بفرقة ولا تشتت شمل ، فجمع الله على الخير شملكم ، ثم بعث إليكم عمرو بن العاص [م ٢٦١] بلا جيش ولا سلاح. فأجبتموه إذ دعاكم ، على بعد دراكم ، وأطعتموه إذ أمركم ـ على كثرة عددكم وعدتكم ـ فأي فضل أبرّ من فضلكم؟ وأي فعل أشرف من فعلكم؟ كفاكم قوله عليه السلام شرفا إلى [يوم](٦) المعاد. ثم قام فيكم عمرو ما أقام مكرّما ، ورحل عنكم إذ رحل مسلما. وقد من الله عليكم
__________________
(١) في الأصل (بريئا).
(٢) يلاحظ أن المؤلف أغفل الدخول في تفاصيل حركة الردة ، وما كان من أمر ذي التاج لقيط بن مالك الأزدي ، وذلك سنة إحدى عشرة للهجرة (تاريخ الطبري ، تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٣١ ، الكامل لابن الأثير ، تاريخ ابن خلدون ج ٢ ص ٧٧ ـ ٧٨).
(٣) في الأصل (وثناه).
(٤) في الأصل (الثنما).
(٥) في الأصل (وأثنا).
(٦) ما بين حاصرتين إضافة لضبط المعنى.