بإسلام عبد وجيفر ابني (١) الجلندى وأعزكم الله به وأعزه بكم ، وكنتم على خير حال وجميل ، حتى أتتكم وفاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأظهرتم ما يضاعف فضلكم ، وقمتم مقاما حمدناكم فيه ، ومحضتم بالنصيحة (٢) وشاركتم بالنفس والمال ، فيثبت الله به ألسنتكم ويهدي قلوبكم ، وللناس جولة (٣) ، فكونوا عند حسن ظني بكم ، ولست أخاف عليكم أن تغلبوا على بلادكم ، ولا أن ترجعوا عن دينكم ، جزاكم الله خيرا. «ثم سكت.
وذكر بعض المتحدثين أن عبدا لما قدم على أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ استنهضه في مقاتلة الرجعة (٤) ، فأجابه إلى ذلك ، فسربه سرية (٥) وأمره [م ٢٦٢] عليها ، فخرج عبد على السرية حتى وافى (٦) ديار آل جفنة (٧). ولهذا خبر وحديث يطول شرحه ، تركته.
وقد شهر مقام عبد ، وعرف مكانه.
وكان في السرية حسان بن ثابت الأنصارى ، فلما قدموا ديار آل جفنة ، قام حسان وقال : «قد شهر مقام عبد في الجاهلية والإسلام ، فلم أر رجلا أحزم ولا أحسن رأيا وتدبيرا من عبد ، وهو من نفسه لله في يوم غارت صباحه (٨) ، وأظلم صباحه».
__________________
(١) في الأصل (ابنا الجلندى).
(٢) في الأصل (ومحضتم النصيحة).
(٣) في الأصل (والناس حوله). والصيغة المثبتة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ١ ص ٦٣).
(٤) أى المرتدين عن الإسلام.
(٥) سرب يسرب سروبا : ذهب وخرج ، أي أرسل سرية.
(٦) في الأصل (وافا).
(٧) هم بنو جفنة بن عمرو ، من غسان من الأزد من القحطانية ، منهم غساسنة الشام (كحالة : معجم قبائل العرب ج ١ ص ١٩٧).
(٨) في الأصل (صباحته) والصيغة المثبتة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ١ ص ٦٤).