ابن خزيمة والجلندى ، فقتل جميع أصحاب الجلندى ، ولم يبق إلا هو وهلال بن عطية الخراسانى ، فقال الجلندى : «احمل يا هلال» فقال هلال للجلندى : «أنت الإمام ، فكن أمامى ، ولكن على أن لا أبقى بعدك!». فتقدم الجلندى فقاتل حتى قتل ، رحمه الله. ثم تقدم هلال بن عطية ، وعليه لامة الحرب ، وكان أصحاب خازم يتعجبون من ثقافته (١) ، فلم يعرفوه [م ٢٧٠]. ثم عرفوه وقالوا : هلال بن عطية! فاحتولوه (٢) حتى قتلوه ، رحمه الله (٣)
وكانت إمامة الجلندى سنتين وشهرا ، وقيل إن الذى تولى قتل الجلندى خازم بن خزيمة. فبلغني أنه لما حضرته الوفاة قيل له «أبشر (٤) ، فقد فتح الله عمان على يديك» فقال «عزيتمونا في الحياة وتعزونا في الممات (٥)! هيهات! هيهات! فكيف لي بقتل الشيخ العماني!» (٦).
ووجدت أن رجلا من أهل عمان خرج إلى الحج ، وكان في صحبة رجل من أهل البصرة ، لا يهدأ (٧) الليل ولا ينام. فسأل العماني عن حاله ـ هو لا يعرف أن صاحبه من أهل عمان ـ وقال : «إني خرجت مع خازم بن خزيمة إلى عمان ، فقاتلنا بها قوما لم أر مثلهم قط. فأنا من ذلك اليوم على هذه الحالة ، لا يأخذني النوم». وقال الرجل العماني في نفسه :
__________________
(١) الثقافة : الحذق والمهارة والفطنة وسرعة الإدراك. والثقافة العمل بالسيف في خفة وبراعة.
(٢) في الأصل (فاحتملوه).
(٣) سنة ١٣٤ ه (الكامل في التاريخ لابن الأثير).
(٤) في الأصل (اشتر).
(٥) كذا في الأصل. وفي كتاب تحفة الأعيان للسالمى (ج ١ ص ٩٦) ما نصه «غرر تمونا في الحياة وتغروننا في الممات».
(٦) يعنى بالشيخ العمانى الإمام الجلندى.
(٧) في الأصل (لا يهدى).