بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله على ما أسدى من النعم والصّلاة والسّلام على نبيه محمّد وآله وأصحابه أجمعين.
هذا السّفر واحد من شروح كتاب «المفصّل» للزمخشري ، صنّفه ابن الحاجب ، والمفصّل من مؤلفات الجهيرة في النّحو العربي ، ومن الكتب التي عرفت لدى النحويين ، وأكبّ عليها أهل العلم واشتغلوا بها ، نحو الكتاب لسيبويه ، والمقتضب للمبرد والأصول لابن السّراج والجمل للزجّاجي والإيضاح للفارسي واللّمع لابن جنّي ، والمفصّل كان كتاب النّاس في خوارزم وخراسان ومصر وبلاد الشّام ، إذ تناوله بالشّرح ثلّة من علماء هذه الأمصار وبلغ ـ فيما أحصيت ـ عدّة شروحه المخطوطة ثلاثة عشر شرحا ، وعدّة شروحه المفقودة خمسة عشر شرحا ، هذا عدا المصنّفات التي شرحت أبياته وقلّدته واختصرته ونظّمته ونقدته.
وقد طبع من هذه الشروح اثنان أولهما شرح ابن يعيش وثانيهما شرح صدر الأفاضل الخوارزمي المسمى «التّخمير» ، وهناك شرحان آخران لم أرهما في المظان التي وقفت عليها ، وإنّما ذكرا ذكرا ، أولهما ذكره بروكلمان أنّه مطبوع في الهند باسم شرح محمّد طيّب مكي الهندي ، وثانيهما ذكرته دائرة المعارف الإسلامية أنّه مطبوع في كلكتا باسم شرح محمّد عبد الغني ، وقد تطلبتهما فلم أظفر بهما.
ولما للمفصّل من هذه المنزلة رأيت أن يكون موضوع أطروحتي لنيل درجة الدكتوراة درس شرح من شروحه وتحقيقه ، فوقع اختياري على كتاب «الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب» ، وبعد أن اعتمد تسجيله لنيل الدرجة العلمية المذكورة باشرت بالعمل في تحقيقه ، وبعد حين من الزمن وقفت على دراسة لهذا الكتاب أعدها المرحوم الدكتور موسى بناي العليلي ، طبعت في مطبعة العاني ببغداد ، أشار فيها إلى أنه قام بتحقيق كتاب الإيضاح وأنه في طريقه إلى المطبعة ، ففزعت إلى أولي العلم والنّهى ممن أحاطوني برعايتهم وعلمهم ، فأشاروا عليّ أن أمضي في عملي أنّ الكتاب لمّا يصدر ، فعملت بمشورتهم وكانت خيرا ، وبعد حين من الدهر وقفت على الإيضاح