قدر مشهور : رفيع المنار (١) ، ويعني (٢) بالذين يغضّون علماء ناحيته ، لأنّه غالب في كثير منهم ، «حيث لم يجعل» ، أي : يغضّون من أجل ذلك ، جعله الحامل لهم على الغضّ ، و «لا يبعدون» خبر «لعل» ، ولعمري لقد بالغ حتى ناقض ، لأنّ ذلك يكون كفرا ومراغمة (٣) ، وقد أخبر بأنّهم لا يبعدون عن الشّعوبيّة ، فأثبت لهم الكفر ، ثم جعلهم به دون الشّعوبيّة ، وإنّما يغضّون منها لأنّهم يرون غيرها أهمّ منها ، و «الخيرة» بفتح الياء اسم المختار ، وأصله الاختيار ، ويقال : محمّد خيرة الله ، أي مختاره (٤) ، وقال الله تعالى : (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)(٥) أي : الاختيار ، والخيرة بسكون الياء بمعنى (٦) الخير (٧) ، «وخير كتبه» أي : أفضل ، وأصله أفعل ، ولذلك يقال : هما خير القوم ، وهم خير القوم ، وقوله (٨) :
ألا نعب النّاعي بخيري بني أسد |
بعمرو بن مسعود وبالسيّد الصّمد |
مؤوّل بخيّري (٩) فخفّف ، «منابذة» : محاربة ، و «الأبلج» : المشرق ، من بلج يبلج ، ومنه «الحقّ أبلح والباطل لجلج» (١٠) ، و «زيغا» : ميلا ، و «عن سواء» : عن وسط ، و «المنهج» : الطّريق الواضح ، و «منابذة» و «زيغا» نصب على المفعول من أجله لما تضمّنه [معنى](١١) «لا يبعدون» كأنّه
__________________
(١) قال الجوهري : «والمنار علم الطريق ، وذو المنار ملك من ملوك اليمن» ، الصحاج (نور).
(٢) أي : الزمخشري.
(٣) في ط : «ومراوغة» ، راوغه : خادعه ، وراغ يروغ : حاد يحيد ، والمراغمة : الهجران. اللسان (روغ ، رغم)
(٤) «الخيرة والخيرة كل ذلك لما تختاره ، من رجل أو بهيمة» ، اللسان (خير) ، وقول ابن الحاجب ، «ويقال : محمد خيرة الله» قاله الجوهري في الصحاح (خير).
(٥) سورة القصص : ٢٨ / ٦٨ ، والآية : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ).
(٦) في ط : «معنى» تحريف.
(٧) «والخيرة بكسر فسكون .. كثير الخير» ، التاج (خير).
(٨) نسب الأصفهاني البيت إلى نادبة بني أسد ، الأغاني : ١٩ / ٨٨ ، ونسبه الجوهري وأبو عبيد البكري إلى سبرة بن عمرو الأسدي ، الصحاح (خير) وسمط اللآلي : ٩٣٣ ، ونسبه البغدادي إلى هند بنت معبد بن نضلة ، الخزانة : ٤ / ٥٠٩ ، وورد بلا نسبة في معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٦٨ ، ومجاز القرآن : ٢ / ٣١٦ ، وإصلاح المنطق : ٤٩ ، وأمالي القالي : ٢ / ٢٨٨ ، واللسان (خير) ، ونعب : صاح وصوّت.
(٩) في ط : «بخير» ، تحريف. قال الجوهري : «فإنما ثناه لأنه أراد : خيّري ، فخففه ، مثل ميّت وميت» الصحاح (خير).
(١٠) انظر مجمع الأمثال : ١ / ٢٠٧ ، «الأبلج : الواضح ، واللّجلج : المختلط الذي ليس بمستقيم» اللسان (لجج).
(١١) سقط من الأصل ، وأثبته عن د. ط.