لمحة عن الرحالة
هو أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير بن محمد بن جبير بن سعيد بن جبير بن محمد بن مروان بن عبد السلام بن مروان بن عبد السلام بن جبير الكناني ، الرحالة الأندلسي. وكان جده الأكبر عبد السلام من أوائل الداخلين إلى الأندلس مع بلج القشيري في سنة ١٢٣ ه / ٧٤٠ م ، فهو أندلسي شاطبي بلنسي. ولد في العاشر من ربيع الأول سنة ٥٤٠ ه / ١١٤٥ م في بلنسية شرقي الأندلس. وفي رواية أخرى أن مولده كان في سنة ٥٣٩ ه / ١١٤٤ م. وهو ينسب إلى بلنسية بسبب مولده فيها على أرجح الأقوال. أما نسبته إلى شاطبة فهي من جراء إقامته فيها فترة من الزمن ، قبل أن ينتقل إلى غرناطة.
نشأ ابن جبير في رعاية والده وتلقى العلم عنه وعن علماء عصره في شاطبة. وكان اهتمامه الأول بالأدب فغدا علما بارعا فيه ، كما أتقن صنعة الكتابة. ثم تنقل في مستهل حياته بين عدد من المدن الأندلسية والإفريقية ، فأقام في بلنسية وشاطبة وغرناطة وسبتة وفاس ، وتقلّد مناصب كتابية عدّة. وهو يعد أحد كتاب الدولة الموحدية من حكام الأندلس والمغرب ، وقد تبوأ لديهم مكانة عالية ، تقديرا لعلمه الواسع وموهبته الشعرية وقدرته الجيدة على كتابة النثر.
وتجمع الروايات أنه كان أديبا معروفا وشاعرا مجيدا وعالما فاضلا مشغوفا بالأسفار ، نزيه النفس ، كريم الأخلاق ، أنيق الخط ، ذا أسلوب في الكتابة يمتاز بالسهولة ورقة العبارة. وتبدو هذه السمات الفنية واضحة في كل صفحة من صفحات هذا الكتاب. إن همه الأول أن ينقل إلى قارئه ما يراه وما يسمعه ، في صور طلية واضحة. وهذا يؤكد أنه أديب متمرس في صنعته ، متعمق في لغته وبيانه. ويمكن أن نضيف إلى ذلك اهتمامه بالسجع والمحسنات البديعية واللفظية أحيانا ، أسوة بأسلوب أبناء عصره في مشرق الوطن ومغربه ، لكننا نلاحظ أن موهبته الأدبية الأصيلة سرعان ما تبعده عن تلك الزخارف الشكلية ، فيعود إلى عبارته العفوية السلسة التي تستقر في قلوب قرائه حالما تدخل أسماعهم. وقد أهّلته مزاياه الأدبية والخلقية إلى تقلد أرفع