اعتناء الله تبارك وتعالى به ، أنه لا يخلو من الطائفين ساعة من النهار ولا وقتا من الليل. فلا تجد من يخبر أنه رآه دون طائف به ، فسبحان من كرّمه وعظّمه وخلد له التشريف إلى يوم القيامة.
وفي أعلى بلاطات الحرم سطح يطيف بها كلها من الجوانب الأربعة ، وهو مشرف كله بشرفات مبسوطة مركّنة ، في كل جانب من الشرفة ثلاثة أركان ، كأنها أيضا شرفات أخر صغار. والركن الأسفل منها متصل بالركن الذي يليه من الشرفة الأخرى. وتحت كل صلة منها ثقب مستدير في دور الشبر ، منفوذ يخترقه الهواء ، يضرب فيه شعاع الشمس أو القمر فيلوح كأنها أقمار مستديرة ، يتصل ذلك بالجوانب الأربعة كلها ، كأن الشرفات المذكورة بنيت شقة واحدة ، ثم أحدثت فيها هذه التقاطيع والتراكين ، فجاءت عجيبة المنظر والشكل. وفي النصف من كل جانب من الجوانب الأربعة المذكورة ، شقة من الجص معترضة بين الشرفات مخرمة فرجيّة ، طولها نحو الثلاثين شبرا تقديرا ، تقابل كل شقة منها صفحا من صفحات الكعبة المقدسة ، قد علت على الشرفات كالتاج.
وللصوامع أيضا أشكال بديعة ، وذلك أنها ارتفعت بمقدار النصف ، مركنة من الأربعة جوانب بحجارة رائعة النقش عجيبة الوضع ، قد أحاط بها شباك من الخشب الغريب الصنعة ، وارتفع عن الشباك عمود في الهواء كأنه مخروط ، مختم كله بالآجر تختيما يتداخل بعضه على بعض ، بصنعة تستميل الأبصار حسنا. وفي أعلى ذلك العمود الفحل ، وقد استدار به أيضا ، شباك آخر من الخشب على تلك الصنعة بعينها. وهي متميزة الأشكال كلها ، لا يشبه بعضها بعضا. لكنها على هذا المثال المذكور ، من كون نصفها الأول مركنا ونصفها الأعلى عمودا لا ركن له.
وفي النصف الأعلى من قبة زمزم والقبة العباسية التي تسمى السقاية ، والقبة التي تليها منحرفة عنها يسيرا ، المنسوبة لليهودية ، صنعة من قرنصة الخشب عجيبة ، قد تأنق الصانع فيها ، وأحدق بأعلاها شباك مشرجب من الخشب ، رائق الخلل والتأريج وداخل شباك قبة زمزم شطح وقد قام في وسطه شبه فحل الصومعة. وفي ذلك السطح يؤذن الزمزمي ، وقد انخرط من ذلك الفحل عمود من الجص ، واستقر في