عدنا إلى الموصل وأعمالها
مدينة بلط : ويقال : بلد به عين يونس بن متى ، يقال : إن الحوت ابتلعه بنينوى ، وبلطه هناك ، وبها مقام عمر بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ، وقرأت على الحجر الذي ظهر فى هذا الموضع ما هذه صورته : «بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا مقام عمر بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ، وهو أسير فى سنة إحدى وستين ، تطوع بعمارته إبراهيم بن القاسم المدائنى فى صفر سنة ثلاث ومائة وحبس عليه خان القطن من السوق العتيق ببلط».
ورأيت لهذا الموضع آية عظيمة وذلك أنه كان بالموصل رجل فقّاعى زمن يمشى على أعلاق من الخشب ويجر رجليه خلفه كأنهما خرق ، وبقى كذلك سنين عدة وزمانا طويلا يشاهده الناس ، وهو معروف بالموصل ، فرأى على بن أبى طالب رضى الله عنه فى منامه وذكر أنه قال له : «امض إلى مشهد ولدى عمر بن الحسين لأظهر فيك آية» فحملوه إلى هذا الموضع فاغتسل من الماء الذي به وزاره وعاد إلى الموصل ماشيا على قدميه ، وسموه عبد على ، ولعله فى الحياة ، والله أعلم ، ورأيت لهذا الموضع من الآيات غير هذا بل اختصرت على ذكر هذه الفضيلة.
مدينة الجزيرة : يقال : إن بها قبور جماعة من التابعين اندرست ، ويقال : إنها ثانى مدينة عمرت بعد الطوفان لقربها من جبل الجودى ، والله أعلم.
جبل الجودى : به استقرت السفينة ، كما ذكر الله عز وجل ، وبه بيت نوح ، وقرأت فى التوراة أن السفينة أمر الله عز وجل لنوح عليه السلام أن يعمل طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعا وسمكها ثلاثين ذراعا ، وكانت من خشب الششاد مقيّرة بالقار ، وجاء الطوفان فى سنة الستمائة من عمر نوح عليه السلام فى الشهر الثانى من اليوم السابع عشر منه ، وأقام المطر أربعين يوما وأربعين ليلة ، وأقام الماء على الأرض مائة وخمسين يوما واستقرت السفينة على الجودى فى الشهر السابع فى اليوم السابع عشر منه ، ولما كان فى سنة إحدى وستمائة من عمر نوح عليه السلام فى اليوم الأول من الشهر الأول جف الماء عن الأرض ، وفى الشهر الثانى فى اليوم السابع بعد العشرين منه جفت الأرض وخرج نوح