ذكر زيارات العراق
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه على بن أبى بكر الهروى ـ غفر الله له ولجميع المسلمين :
مدينة سامراء
وقيل : سرّ من رأى ، بها الإمام على بن محمد الهادى ، ولد بالمدينة ، عاش خمسا وسبعين (١) سنة ، وبها الإمام الحسن بن على العسكرى رضى الله عنه ، وبها الإمام الحجة محمد بن الحسن المنتظر رضى الله عنه مولده سر من رأى ، عمره سبحان عالم الغيب والشهادة قبره الله يقضى حيث يشاء.
وبها من الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم الإمام المتوكل ، والإمام المنتصر ، والإمام المعتز ، والإمام المهتدى ، والإمام المعتمد ، والإمام الواثق رضى الله عنهم.
وجامعها موضع شريف به المعجون كأنه المرآة يبصر المتوجه إلى القبلة الداخل والخارج من الشمال ، وبه المنارة ، وعمارتها تشاكل عمارة منارة جامع ابن طولون بمصر ، وبها آثار تدل على عظمها ، ويقال : إنها كانت من قنطرة الرصاص إلى الدور ، والله أعلم ، وقيل : سبب عمارتها أن رجلا صالحا وقف للإمام المعتصم رضى الله عنه وقال : «يا أمير المؤمنين قد أوجب الله عليك سياسة الرعية ، كما أوجب عليك مراعاة الجند ، وقد هلك الناس بالغلمان ، ولا آمن عليك أن تقاتلك العامة» فقال له : «وبم تقاتلنى العامة ولو أرسلت بعض جندى لم يبق عامى» فقال له : «يا أمير المؤمنين ، تقاتلك بسهام الليل ورفع الأيدى إلى الله تعالى فى المساجد والبيوت» وقيل : كان للمعتصم من المماليك مقدار سبعين ألف مملوك ، وفيه يقول الشاعر :
إمامى من له سبعون ألفا |
|
من الأتراك مشرعة السهام |
وقيل : إنه لما سمع كلام الشيخ ركب من يومه واختار سامراء ، وابتاعها من رهبان دير كانوا بها بمائة ألف ألف وخمسين ألف درهم وألزم وزيره الفضل بن مروان عمارتها ، فأخذ
__________________
(١) ظ : «وستين».