للعظام الفلكيّة وينقسم كانقسامها على ثلاثمائة وستين جزءا ، ويسامت (١) كلّ جزء من الدائرة (٢) الأرضية نظيره من الفلكيّة ، فإذا سار سائر على خطّ نصف النّهار وهو الخطّ الواصل بين القطبين الشّماليّ والجنوبيّ في أرض مستوية خالية من الوهدات عريّة عن (٣) الربوات على استقامة من غير انحراف أصلا حتّى يرتفع له القطب أو ينقص له جزءا فالقدر الذي ساره من تلك الدائرة يكون حصّة درجة واحدة منها ، وتكون تلك الدائرة الأرضيّة ثلاثمائة وستين مرّة مثل ذلك القدر ، وقد قام بتحقيق ذلك طائفة من القدماء كبطليموس وغيره فوجدوا حصّة درجة واحدة من العظيمة المتوهّمة على الأرض ستة وستين ميلا وثلثي ميل ، ثم قام بتحقيقه طائفة من الحكماء المحدّثين في عهد المأمون وحضروا بأمره في بريّة سنجار وافترقوا فرقتين من بعد أن أخذوا ارتفاع القطب محرّرا (٤) في المكان الذي افترقوا منه ، وأخذت إحدى الفرقتين في المسير نحو القطب الشّماليّ والأخرى نحو القطب الجنوبيّ وساروا على أشدّ ما أمكنهم من الاستقامة حتّى أرتفع القطب للسائرين في الشّمال وانحطّ للسائرين في الجنوب درجة واحدة ، ثمّ اجتمعوا عند المفترق وتقابلوا على ما وجدوه فكان مع إحداهما ستة وخمسون ميلا وثلثا ميل ، ومع الأخرى ستة وخمسون ميلا بلا كسر فأخذ بالأكثر وهو ستة وخمسون [٣٨ ب] ميلا وثلثا ميل.
وقد تقدّم أنّ القدماء وجدوا حصّة الدرجة ستة وستين ميلا وثلثي ميل ، فبينهما من التفاوت عشرة أميال ، فينبغي أن يعلم أنّ ذلك إنما هو للخلل في العمل لأن مثل هذه الأعمال لا تخلو من تفاوت إذ لا يمكن الاحتراز عن المساهلة والمسامحة تارة في استقامة المشي على خطّ نصف النهار وتارة من جهة الذرع (٥)
__________________
(١) في (س): «ومسافة».
(٢) في (س) و (ر): «الدوائر».
(٣) في (س) و (ر): «من».
(٤) في (س): «مجردا».
(٥) في الأصل : «الذراع».