بسم الله الرّحمن الرّحيم
تبارك الذي جعل في السماء بروجا ، وجعل فيها سراجا وهّاجا ، وبسط بساط بسيط (١) الأرض لنسلك منها سبلا فجاجا ، وجعل الجبال أوتادا وخلق كلّ شيء أزواجا ، وخطّ (٢) الأقاليم وجعل البحرين عذبا وملحا أجاجا ، وأنبتنا من الأرض ثم يعيدنا فيها ويخرجنا إخراجا ، فسبحان من هو مالك البلاد ورازق العباد وخالق السبع الشّداد بلا عمد وأوتاد ، والمقدّس عن الأنداد والأضداد ، والمنزهّ عن الصاحبة والأولاد. أحمده على أن جعلنا من أهل الأمصار والبلدان ، ونوّر قلوبنا بنور الإيمان ، وصيّرنا من المتدينين بأشرف الأديان والمتأدبين بآداب القرآن ، وأصلّي على رسوله الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدّين كله ولو كره المشركون ، وعلى آله وأصحابه الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون وبعد ؛
فيقول العبد الفقير المعترف بالعجز والتقصير ، الواثق بالتّوفيق الإلهي ، محمّد الشهير بابن سباهي (٣) : إنّ جميع أصحاب الشّرائع والأديان قد أطبقوا ، وجملة أرباب العقول والأذهان قد اتفقوا على أنّ أعلى الكمالات الإنسانيّة وأسنى السّعادات النّفسانيّة ، معرفة الصّانع بتقديس ذاته وتنزيه صفاته. وأنّ ذلك [٢ أ] بالتفكّر في المبدعات وأسرارها ، والتدبّر في المصنوعات وأطوارها ، وممّا يعين على هذا التفكّر والتدبّر علم الهيئة الذي أثنى [الله في](٤) التنزيل على عالميه بقوله
__________________
(١) في (س): «بسط».
(٢) في (س): «وحفظ».
(٣) في الأصل و (ب): «السباهي».
(٤) زيادة من (س).