من كثرته ، فإذا تعلّى انحدر ونزل على خيل العدو ونكد عليهم فعند ذلك تنهزم خيل العدو من بين أيديهم ، وكان بنو سليم قد قهروا جميع أعدائهم بهذا الفن وبقوا على حالهم إلى أن أظهر الله عزوجل الإسلام وخرج النبى صلىاللهعليهوسلم ومن معه من الصحابة إلى هذه الأعمال ، ففعلت بنو سليم ما تقدم ذكره ، فلما صعد النحل الجو وانحدر على عساكر الإسلام نادى النبى صلىاللهعليهوسلم فقال : أين يعسوب الدين؟ فلم يجبه أحد ، فقال : أين أمير النحل؟ فلم يجبه أحد ، فقال : أين على بن أبى طالب؟ فلما سمع على بن أبى طالب ـ رضوان الله عليه ـ ذلك من لفظ النبى صلىاللهعليهوسلم جذب ذا الفقار (١) وحمل على النحل ، فأدبرت النحل على أثرها راجعين على بنى سليم ولدغتهم ، فهربت بنو سليم بين أيدى النحل إلى رءوس الجبال وبطون الأودية وفتح الله جبال بنى سليم على يد أمير المؤمنين على بن أبى طالب.
فلما استتم الفتح واستقام النصر قال بعض الصحابة للنبى صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله شبهت على بن أبى طالب باليعسوب وهو النحلة؟ فقال النبى صلىاللهعليهوسلم : «المؤمن كالنحلة لا تأكل إلا طيبّا ولا يخرج منها إلا طيب» فمن ذلك الحين و [تلك] الواقعة لقب أمير المؤمنين على بن أبى طالب بيعسوب الدين أمير النحل.
وإلى الآن يجلب من هذه الجبال نحل ، أى عسل يشترى منه الحاج والحجاز وبعض أهل اليمن.
__________________
(١) اسم سيف رسول الله صلىاللهعليهوسلم.