يمكث ، ثم إنه خرج ، فاخبر بذلك عمر بن الخظاب ، فارسل إليه فقال : ما حملك على الذي فعلته؟ قال : فعلته مع رسول الله ، ثم لم ينهانا عنه حتى قبضه الله. ثمّ مع أبي بكرفلم ينهانا حتى قبضه الله ، ثمّ معك ، فلم تحدث لنا فيه نهيا. فقال عمر : أما والذي نفسي بيده لوكنت تقدمت في نهي لرجمتك » (١).
ومن هنا ترى أنه في جميع الأخبار ينسبون النهي إلى عمر ، يقولون : « فلمّا كان عمر نهانا عنهما » و« نهى عنها عمر » و« قال رجل برأيه ما شاء » ونحوذلك ، ولو كان ثمّة نهي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما كان لنسبة النهي وماترتب عليه من الآثار الفاسدة إلى عمر وجه كما هو واضح. وقد جاء عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : « لو لا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي » (٢) وعن ابن عباس : « ما كانت المتعة إلأ رحمة من الله تعالى رحم بها عباده ، ولولا نهي عمر عنها ما زنى إلا شقي ، (٣).
ومن هنا جعل تحريم المتعة من أوّليّات عمر بن الخطّاب (٤).
بل ان عمر نفسه يقول : « كانتا على عهد رسول الله ، وأنا أنهى عنهما » فلا يخبرعن نهي لرسول الله صلى الله عليه آله وسلّم ، بل ينسب النهي إلى نفسه ويتوعّد بالعقاب. بل إنه لم يكذب الرجل الشامي لمّا أجابه بما سمعت ، بل لما قال له : « ثمّ معك فلم تحدث لنا فيه نهيا » اعترف بعدم النهي مطلقاً حتى تلك الساعة ولا يخفى ما تدل عليه كلمة « تحدّث ».
__________________
(١) كنز العمال ٨ / ٢٩٤.
(٢) المصنف ـ لعبد الرزاق بن همام ـ ٧ / ٥٠٠ ، تفسير الطبري ٥ / ١٧ ، الدرّ المنثور ٢ / ٤٠ ، تفسير الرازي ٣ / ٢٠٠.
(٣) تفسير القرطبي ٥ / ١٣٠. ومنهم من رواه بلفظ « شفا » أي قليل. أنظر : النهاية وتاج العروس وغيرهما من كتب اللغة.
(٤) تاريخ الخلفاء ـ للسيوطي ـ.