فدخل عليه محمد بن منصور وأبو العيناء ، فوجداه يستاك ويقول ـ وهو متغيّظ ـ : متعتان كانتا على عهد رسول الله وعهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما. قال : ومن أنت يا جعل حتى تنهى عما فعله رسول الله وأبوبكر؟! فاراد محمد بن منصور أن يكلمه ، فأومأ إليه أبو العيناء وقال : رجل يقول في عمر بن الخطّاب ما يقول نكلّمه نحن؟! ودخل عليه يحيى بن أكثم فخلا به وخوفه من الفتنة ، ولم يزل به حتى صرف رأيه » (١).
وجاء دور المدافعين والموجهين الذين يتعبون أنفسهم في هذا السبيل ... كما هو شأنهم في كل قضية من هذا القبيل ... حيث الحكم ثابت بالكتاب والسنة ... وبالضرورة من الدين ... والخليفة يخالف بكل صراحة ... حكم رب العالمين ...
لكنهم اختلفوا إلى طوائف ... بين قائل بان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الذي حرمها ، وقائل بان عمر هو الذي حرمها ... وقائل بان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هوالذي نسخ حكم الإباحة لكن لم يعلم به إلا عمر!!
أما القول الأخير فهو لفخر الرازي ، فقد قال :
« فلم يبق إلا أن يقال : كان مراده أن المتعة كانت مباحة فى زمن الرسول عليهالسلام ، وأنا أنهى عنه لما ثبت عندي أنه نسخها ، (٢).
وقال النووي بعد قولة عمر :
« محمول على أن الذي استمتع في عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ » (٣).
__________________
(١) وفيات الأعيان ٥ / ١٩٧ بترجمة يحيى بن أكثم.
(٢) تفسير الرازي ، بتفسير الآية.
(٣) المنهاج ـ شرح صحيح مسلم ٦ / ١٢٨.