قال الشيخ جمال الدين : وكان يحصل بهذه البركة انتهاك لحرمة المسجد فسدت لذلك.
قال الحافظ محب الدين : وعملت الجهة أم الخليفة الناصر لدين الله تعالى فى مؤخر سنة تسعين وخمسمائة سقاية فيها عدة البيوت وحفرت لها بئر إذ فتحت لها بابا إلى المسجد فى الحائط التى تلى الشام وهى تفتح فى المواسم.
ذكر احتراق المسجد الشريف
واحتراق مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم (ق ١٢٥) ليلة الجمعة أول شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وستمائة بعد خروج نار الحرة الآتى ذكرها فى السنة نفسها فكتب بذلك إلى الخليفة المستعصم (١) بالله تعالى أبى أحمد عبد الله ابن المستنصر فى الشهر المذكور فوصل الصناع والآلة فى صحبة حجاج العراق ، وابتدئ فيه بالعمارة من أول سنة خمس وخمسين وستمائة.
واستولى الحريق على جميع سقوفه حتى لم يبق فيه خشبة واحدة وبقيت السوارى قائمة رصاص بعضها فسقطت واحترق سقف الحجرة المقدسة.
__________________
(١) الثابت هو عبد الله المعتصم ابن منصور المستنصر ابن محمد الظاهر ابن أحمد الناصر من سلالة هارون الرشيد العباسى ، وكنيته أبو أحمد ، آخر خلفاء الدولة العباسية فى العراق ، ولد ببغداد سنة ٦٠٩ ه ، وولى الخلافة بعد وفاة أبيه سنة ٦٤٠ ه والدولة فى شيخوختها ، لم يبق منها للخلفاء غير دار الملك ببغداد فألقى زمام الأمور إلى الأمراء والقواد ، واعتمد على وزيره مؤيد الدين ابن العلقمى ، وكان المغول قد استفحل أمرهم فى أيام سلفه المستنصر ، فكتب ابن العلقمى إلى قائدهم هولاكو «حفيد جنكيز خان» يشير عليه باحتلال بغداد ويعده بالإعانة على الخليفة ، فزحف هولاكو سنة ٦٤٥ ه وخرجت إليه عساكر المستعصم فلم تثبت طويلا ، ودخل هولاكو بغداد ، فجمع له ابن العلقمى ساداتها ومدرسيها وعلماءها فقتلهم عن آخرهم ، وأبقى الخليفة حيا إلى أن دل على مواضع الأموال والدفائن ثم قتله.
وبموته سنة ٦٥٦ ه انقرضت دولة بنى العباس فى العراق وعدد خلفائها ٣٧ ملكوا مدة ٥٢٤ سنة.