قال الخطابى (١) : هو بناء من الحجارة ومثله الآجام والصياصى.
ثم نزل أحياء من العرب على يهود وذلك انه كان بالمدينة قرى وأسواق من يهود بنى إسرائيل ، وكان قد نزل عليهم أحياء من العرب ابتنوا معهم الآطام والمنازل قبل نزول الأوس والخزرج وهم بنو أنيف ، حى من بلى ، ويقال إنهم من بقية العماليق.
وبنو مرثد حى من بلى وبنو معاوية بن الحارث بن بهثة من بنى قيس بن غيلان ، وبنو الجذمى حى من اليمن ، وكان جميع ما ابتنى العرب من الآطام بالمدينة ثلاثة عشر أطما.
ذكر نزول الأوس والخزرج المدينة
لم تزل اليهود الغالبة على المدينة حتى جاء سيل العرم ، وكان منه ما كان وما قص الله تعالى فى كتابه ان أهل مأرب وهى أرض سبأ كانوا آمنين فى بلادهم تخرج المرأة بمعزلها لا تتزود شيئا تبيت فى قرية وتقيل فى أخرى حتى تأتى الشام ، ولم يكن فى ارضهم حية ولا عقرب ولا ما يؤذى ، فبعث الله تعالى إليهم ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم (ق ٦) وقالوا : (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا)(٢) فسلط الله تعالى عليهم سيل العرم ، وهو السيل الشديد الذى لا يطاق.
وقيل العرم اسم الوادى وقيل اسم المياه وذلك ان الله تعالى سلط عليهم جرذا يسمى الخلد ، والخلد هو الفأر الأعمى فنقب السد من اسفله حتى دخل السيل عليهم فغرقت
__________________
(١) هو الإمام الخطابى العلامة المفيد المحدث الرحال أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستى صاحب التصانيف ، سمع أبا سعيد بن الأعرابى وأبا بكر بن داسة والأصم ، ومنه الحاكم ، وصنف شرح البخارى ومعالم السند وغريب الحديث ، وشرح الأسماء الحسنى والعزلة ، وغير ذلك ، وكان ثقة متثبتا من أوعية العلم ، أخذ اللغة عن أبى عمر الزاهد ، والفقه عن القفال وابن أبى هريرة. مات سنة ٣٨٨ هجرية.
(٢) ١٩ ك سبأ ٣٤.