ذكر حرمة المدينة الشريفة
روى القاضى عياض (١) فى الشفاء أن مالك بن أنس (٢) رحمهالله تعالى كان لا يركب فى المدينة دابة ، وكان (ق ٢٦) يقول لى : استحى من الله تعالى أن أطأ تربة فيها تربة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحافر دابتى.
ويرى أنه وهب للشافعى (٣) رحمهالله تعالى كراعا كبيرا كان عنده ، فقال له الشافعى : أمسك منها دابة ، فأجابه بمثل هذا الجواب ، وقد أفتى مالك رحمهالله تعالى فيمن قال تربة المدينة ردية بضربه ثلاثين درة وأمر بحبسه وكان له قدر ، وقال : ما أحوجه الى ضرب عنقه ، تربة دفن فيها النبى صلىاللهعليهوسلم يزعم انها غير طيبة.
__________________
(١) هو القاضى عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض ، أبو الفضل اليحصبى السبتى الحافظ ، ولد سنة ٤٧٦ ه ، أجاز له أبو على الغسانى ، وتفقه وصنف التصانيف التى سارت بها الركبان كالشفاء ، وطبقات المالكية ، وشرح مسلم والمشارق فى الغريب ، وشرح حديث أم زرع ، والتاريخ ، وغير ذلك.
ولى قضاء سبتة ثم غرناطة ، مات سنة ٥٤٤ ه بمراكش.
(٢) هو الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحى الحميرى أبو عبد الله المدنى ، روى عن نافع ومحمد بن المنكدر ، وجعفر الصادق وحميد الطويل ، وخلق ، وعنه الشافعى ...
قال : ابن المدينى : له نحو ألف حديث ، قال البخارى : أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر ، وقال الشافعى : إذا جاد الأثر فمالك النجم.
مات سنة ١٧٩ ه.
(٣) هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عبد مناف القرشى المطلبى المكى ، نزيل مصر ، ولد بغزة سنة ١٥٠ ه وحمل إلى مكة وهو ابن سنتين ، روى عن عمه محمد بن على وأبى أسامة وسعيد ابن سالم القداح ، وابن عيينة ومالك وابن علية وابن أبى فديك ، وخلق.
قال المزنى : حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين ، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر ، مات سنة ٢٠٤ ه.