ذكر قتل بنى قريظة
بالمدينة الشريفة
قال ابن إسحاق : ولما انصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الخندق رجع إلى المدينة والمسلمون ووضعوا السلاح ، فأتى جبريل عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم متعجرا بعمامة من إستبرق على بغلة عليها قطيفة من ديباج ، فقال : أقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «نعم» فقال : ما وضعت الملائكة بعد السلاح ، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم.
إن الله تعالى يأمرك بالسير إلى بنى قريظة فإنى عامد إليهم فمزلزل بهم ، فأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الناس : «من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا فى بنى قريظة» فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحاصرهم (ق ٧٧) خمسا وعشرين ليلة ، وقذف الله تعالى فى قلوبهم الرعب حتى نزلوا على حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتواثب الأوس وقالوا : يا رسول الله إنهم موالينا دون الخزرج فهم لنا ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «ألا ترضون يا معشر الأوس أن نحكم فيكم رجلا منكم» فقالوا : بلى ، قال صلىاللهعليهوسلم : «فذلك إلى سعد بن معاذ» وكان سعد فى خيمته يداوى جرحه ، وكان حارثة بن كلدة هو الذى يداويه ، وكان طبيب العرب وهو مولى أبى بكرة مسروح فأتت الأوس بسعد بن معاذ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : «احكم فى بنى قريظة».
فقال : إنى أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذرارى. فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى من فوق سبعة أرقعة» (أى من فوق سبع سموات) وكان الذين نزلوا على حكمه صلىاللهعليهوسلم أربعمائة واستنزلوا بنى قريظة من حصونهم فجلسوا بالمدينة فى دار امرأة من بنى النجار ، ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى سوق المدينة فخندق بها خنادق (ق ٧٨) ثم بعث إليهم فجىء بهم فضرب أعناقهم فى تلك الخنادق ، وكانوا سبعمائة وفيهم حيى بن أخطب الذى حرضهم على نقض العهد فقتل منهم صلىاللهعليهوسلم كل من أنبت واستحيى من لم ينبت ، وقتل منهم امرأة كانت طرحت رحا على