وإلى يومنا هذا ، يسمي الناس عديم الحياء الذي يريدون انتقاصه وتوبيخه ساسيا ، ويسمون الشحاذين «الساسيين» و «الساسانيين» (١).
فليغّيب في الثرى وليذهب إلى الجحيم |
|
ذلك الفتى الذي لا يعبأ بأبيه |
ومن ساسان (٢) هذا انحدر ملوك العجم ، وكان الملوك الآخرون يقرعونهم ويسمونهم أولاد ساسان الراعي ، وليس عجيبا أن مسخت دولة بني ساسان بهذا الإدبار ، ومسخت رقوم محاسنها ، وأصبح بدرها هلالا ، ونهارها ليلا.
وكان الأكاسرة ظالمين ـ إلا نوشروان ـ فلم يكن أحد من الناس يمتلك الجرأة ليطبخ طعاما طيبا لذيذا ، أو أن يخيط ثوبا جميلا ، أو أن يعلم ولده العلم والأدب ، أو أن تكون له دابة ثمينة ، حتى إن النبي الذي عاش في عهدهم عليهالسلام قال : إلهي ، لم آتيت الأكاسرة [٤٣] ما آتيتهم؟ فأوحى الله تعالى إليه : «لأنهم عمروا بلادي ، حتى عاش فيها عبادي» (٣). وكانوا مولعين بعمارة العالم.
__________________
(١) عن كون (بني ساسان) وصفا للشحاذين ، ورد في ترجمة الأحنف العكبري من يتيمة الدهر (٣ / ١٣٧): «شاعر المكدين وظريفهم ... وهو فرد بني ساسان اليوم بمدينة السلام». وأشهر شعراء هذه الطائفة هو أبو دلف مسعر بن مهلهل الخزرجيّ صاحب القصيدة الساسانية التي ضمنها جميع حيل وأساليب الشحاذين في الكدية (انظر : يتيمة الدهر ، ٣ / ٤١٦ ـ ٤٣٦).
(٢) الساسانيون : سلالة قومية فارسية أنشأت إمبراطورية حول الهضبة الإيرانية استمرت من العام ٢٢٤ / ٢٢٦ إلى العام ٦٥١ م ، وشكلت هذه الإمبراطورية خلال حكم هذه السلالة تهديدا مستمرا للرومان والبيزنطيين من بعدهم ونازعت هاتين الإمبراطوريتين على حكم بلاد ما بين النهرين وسورية (معجم الحضارات السامية ، ٤٥٢ ـ ٤٥٣).
(٣) ورد هذا النص في ذكر أخبار أصبهان (١ / ١١) ، ونسبه السّرخسيّ في المبسوط (٢٣ / ١٥) للنبي (ص) فيما يأثر عن ربه وورد من غير عزو في فيض القدير (٣ / ٣١ ، ٦ / ٩٣).