وعندما اتجه من هناك إلى القصبة ، صادف وقت ارتفاع الماء في نهر شور ، فخاف من عبور الماء ، وكان جيش سبزوار قد خرج من المدينة ووقف محاذيا لشط الوادي.
وحدث أن جاء حائك من أهل سبزوار ، فألقى بنفسه في الماء وعبر ، فتجرأ الخوارج على العبور :
نزو الفرار استجهل الفرارا (١)
وحملوا ، فقتلوا خلقا كثيرا ، ومن هناك ـ حيث رباط علي آباد ـ اتجهوا إلى مدخل القصبة [٤٥] فدخلوها ، وظلوا سبعة أيام بلياليها يقتلون الذكران من البالغين أو الأطفال ، لأن حكم الأطفال في مذهب الخوارج كحكم آبائهم وأمهاتهم (٢) ، وقد
__________________
(١) في جمهرة الأمثال (٢ / ٣٠٥): «يضرب مثلا للرجل الرديء تكره مصاحبته حذرا من أن يأتي صاحبه مثل فعله ، والفرار ولد البقر الوحشي وهو إذا شب وقوي أخذ في النزوان ، فمتى رآه غيره نزا معه». وقد ورد في بعض المصادر (نزو) على تقدير : نزا نزو الفرار.
(٢) الثابت في السنة النبوية الشريفة أن النبي (ص) نهى عن قتل النساء والصبيان ، وقد روى ابن تيمية في الصارم المسلول أن النبي (ص) «رأى امرأة في بعض مغازيه مقتولة فقال : ما كانت هذه لتقاتل ، ونهى عن قتل النساء والصبيان» ، ثم أضاف أن النبي حين بعث إلى ابن الحقيق بخيبر ، نهى عن قتل النساء والصبيان ، وأضاف ابن تيمية إلى ذلك قوله : إلا إذا مارسن القتال مما أدى إلى قتل نساء أو صبيان (٢ / ٢٥٥ ، ٢٥٨ ؛ انظر أيضا : المبسوط للسرخسي ، ١٠ / ٦ ؛ البحر الرائق ، ٥ / ١٤١). وفي مغني المحتاج (٤ / ٢٢٣) «نهي في الصحيحين عن قتل الصبيان والنساء وألحق المجنون بالصبي والخنثى بالمرأة لاحتمال أنوثته» ، وفي اللمعة الدمشقية «لا يجوز قتل الصبيان والمجانين والنساء وإن عاونوا إلا مع الضرورة ولا الشيخ الفاني والخنثى» (ص ٧٣ ؛ انظر أيضا : الروضة البهية ، ٢ / ٣٩٣) ، غير أن الأزارقة من الخوارج أبا حوا قتل النساء والصبيان الذين ألحقوهم بآبائهم في الشرك وأباحوا لأنفسهم حتى قتل الأجنة في بطون الحوامل ، فقد قتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت الذي بعثه الإمام علي عاملا على النهروان بعد أن سألوه إن كان رضي بعملية التحكيم بين علي ومعاوية فقال نعم ، فذبحوه ثم ذبحوا زوجته وبقروا بطنها وكانت حاملا ، كما قتلوا أم سنان الصيداوية وثلاث