ولقد رأيت أنا كثيرا من الشيوخ الذين شاهدوا هذه الحادثة ، وأرخوها ، وقد دعيت تلك السنة بسنة الزلزلة.
[٥٣] وكان للقصبة سور ، ارتفاعه أقل من قامتين ، وكان الرمح يصل إلى أعلاه ، كما يصله سيف الفارس الممتطي صهوة جواده ، ولكنه كان محكما ومترسا ، وقد أمر الوزير الشهيد نظام الملك رحمهالله ، بالإبقاء على أسسه ، على أن يبنى بارتفاع أعلى ، وذلك في سنة أربع وستين وأربع مئة ، إلا أن الملك المعظم ، عضد الدنيا والدين ، أرسلان أرغون بن ألب أرسلان (١) أمر بتخريب ذلك السور في صفر من عام تسعين وأربع مئة :
وكل حصن وإن طالت سلامته |
|
على دعائمه لا بدّ مهدوم |
وقد بناه بعد ذلك الوزير مجد الملك ، مشيد الدولة ، أسعد بن محمد بن موسى القمّيّ رحمهالله (٢) ، على يد العميد صفي الدين أبو سعد الفضل بن علي
__________________
(١) في الأصول وكذلك في مجمل فصيحي ، ٢ / ٢٠٦ : أرسلان أرغو ، لكننا أخذنا بما في المصادر العربيّة وما ذكره المؤلف نفسه في لباب الأنساب ، ٢ / ٦٠٦. قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء ، ١٩ / ٢١٢ : «استولى على خراسان وتمكن وكان ظالما شرس الأخلاق كثير العقوبة لخاصكيته دخل عليه غلام له فأنكر أرغون تأخره عن الخدمة ، فاعتذر فلم يقبل له عذرا وكان وحده ، فشد الغلام عليه بسكين فقتله في المحرم سنة ٤٩٠ ه» ، كما ذكر الذهبي في نفس الصفحة تخريبه سور نيسابور وغيرها من المدائن (انظر أيضا تاريخ ابن خلدون ، ٥ / ١٧ ؛ أخبار الدولة السّلجوقيّة ، ٨٦). وتاريخ قتله في المحرم الوارد هنا ، يجعل تخريبه سور بيهق قد حدث قبل هذا التاريخ وليس في صفر كما هو أعلاه.
(٢) هو أبو الفضل الفراوستاني المقتول سنة ٤٩٢ ه وكان ماهرا في الأعمال التي أوكلت إليه كما «كان ملجأ لفضلاء الزمان وموسعا عليهم بالإحسان» (تاريخ دولة آل سلجوق ، ٥٧) ؛ و «كان خيرا كثير الصلاة بالليل كثير الصدقة لا سيما على العلويين وأرباب البيوتات ، وكان يكره سفك الدماء» (ابن الأثير ، ١٠ / ٢٩٠ ؛ تاريخ الإسلام ، ١٣٥ ، حوادث ٤٩٢ ه). حسده أمراء الدولة وخصيانها وثاروا عليه (النقض ، ١٢٠) بعد أن قطع عنهم ما كانوا يحصلون عليه من امتيازات وأموال فقتلوه وقطعوه إربا (ابن الأثير ، ١٠ / ٢٩١ ـ ٢٩٨ ؛ حبيب السير ، ٢ / ٥٠٢).