سمع ملك العجم كان سببا لفناء وهلاك العرب ، فقال المصطفى عليهالسلام : «هو ذاك ، وليس هناك غير هذا».
عاد الرسولان إلى ملك اليمن وأخبروه بالكلام ، فقال باذان : اكتبوا التاريخ واليوم الذي قال فيه المصطفى عليهالسلام هذا الكلام ، فإن كان صادقا أطعناه وآمنا بما جاء به ، وإن كان غير ذلك فإن ملك العجم نفسه سيأخذه من العرب.
فلما انقضت ثلاثة أيام وصلت رسالة من ملك العجم شيرويه إلى باذان بأن أباه قد قتل على أيدي الجنود في ذلك اليوم الذي كان المصطفى صلوات الله عليه قد قاله ، وأنه يجب على أهل [١٤١] اليمن أن يبايعوه ، وأن لا يتعرض بشيء لنبي العرب أو أن يعكّر عليه صفوه ، فسرّ باذان برسالة ملك العجم وآمن ، وآمن معه عموم أهل اليمن (١) ، وقد أرسل المصطفى عليهالسلام ، معاذ بن جبل رضياللهعنه إلى هناك ومعه رسالة إلى الملك باذان يثني عليه فيها. بدايتها : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كافة الناس ، إلى ملك اليمن باذان أعزه الله.
وكان الفضل الشّعرانيّ هذا قد أعفى شعر لحيته ورأسه فطالا ، وكان متحليا بنسبه إلى باذان. ومولده ونشأته في قرية ريود من ربع باشتين ، وكان فقيها وأديبا ، سافر كثيرا في طلب العلم ، وكان بيته في محلة كنج رود بنيسابور.
رحل الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة إليه لسماع الحديث. وكان تلميذ يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه المروزيّ ، وتلميذ ابن الأعرابي في الأدب. وليس في بلاد الإسلام بلد لم يصله الفضل الشّعرانيّ الريودي ، إلا الأندلس والسوس الأقصى.
__________________
(١) عن هذه الواقعة وإسلام باذان ، انظر : دلائل النبوة لإسماعيل الأصبهاني ، ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ؛ تاريخ الطّبريّ ، ٢ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، حوادث سنة ٦ ه ؛ الطبقات الكبرى لابن سعد ، ١ / ٢٦٠ ؛ الإصابة ، ١ / ٤٦٣.