الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ)(١) ، وأخبروني هل في القرآن ما يجعل لكم نصيبا واجبا في أموال الناس؟ فبهتوا وقالوا نحن من ضمن الفقراء ، فقال إن الفقراء لا حاجة بهم إلى التوسل بالشعر ، فنهض الفرزدق وقال :
[١٤٩] رأيت رقى الشيطان لا تستفزّه |
|
وإن كان شيطاني من الجنّ ماردا |
وكان يقال للشعر : رقية الشيطان.
مسألة فقهية : إن وقف أو أوصى أحد لعلماء الإسلام مطلقا ، فلا يجعل للشعراء والأدباء في ذلك شيء ، وذلك بإجماع أهل القبلة (٢) ، فهذان النوعان ـ الأدب والشعر ـ ليسا علما ، والأدب آلة معرفة العلم ، وآلة العلم ليست علما ، وإنما وصل المصطفى عليهالسلام الشعراء ، لأن شعر ذلك الزمان كان سببا في ترغيب الناس في قبول الإسلام ، وسببا في قهر الكفار.
فائدة : قال لي أحد أساتيذي : إن نظم أحد شعرا طمعا في ممدوحه ، وحصل على مراده ، وجب عليه شكره بالشعر والنثر ، وإن لم يعطه فلا يجوز للشاعر أن يذمه ، فالشاعر هو الأولى بالذم عقلا وشرعا ، لأنه طمع بأموال المسلمين بدون مسوغ عقلي وشرعي ، وإن ذلك الذي لم يعطه شيئا ممدوح عقلا وشرعا.
فالمدح والذم يجب أن يكونا بموضعهما ، ولذا قال المصطفى عليهالسلام : «اذكروا
__________________
وجدت رقى الشيطان لا تستفزه |
|
وقد كان شيطاني من الجن راقيا |
ونسب إلى جرير أيضا في ثمار القلوب (ص ٧٥).
(١) سورة التوبة ، الآية ٦٠.
(٢) لقد طال هذا النقاش مرة حتى كتبة الحديث حيث ورد في مسألة : إذا أوصى رجل بثلث ماله للعلماء والفقهاء ، هل يدخل كتبة الحديث تحت هذه الوصية؟ (وفيات الأعيان ، ٣ / ٢٨٧) ، فمن الطبيعي أن لا تشمل الوصية الشعراء.