قيل إنه لما توفى رحمهالله ، وجد في مكتبته أربعة كتب : واحد في الفقه ، الثاني في الأدب ، وكتابان في التاريخ ، ولم يكن له من تركة غير ذلك.
توفي في الثامن من شوال سنة ثمان وخمسين وأربع مئة ، ومرقده في مقبرة قصبة سبزوار ، ومن المجرب أن كل حاجة تطلب من الحق تعالى هناك تكون مقرونة بالإجابة.
ولم يكن له عقب.
جيء به إلى السلطان محمود في جمادى الأولى سنة أربع عشرة وأربع مئة ، فروى خبرا عن المصطفى من غير أن يؤذن له ، فقال السلطان لأحد غلمانه : ناوله ، فضربه الغلام بقبضة يده على رأسه ، فضعف سمعه من أثر ذلك الجرح ، إلا أن السلطان اعتذر له بعد ذلك ، عند ما علم بعلمه وورعه وديانته ونزاهة نفسه ، وأعطاه مالا ، لكنه لم يقبله ، ولم يرض قلبه بالعذر الذي قدّمه ، وقال : لقد سلبت ظلما مني [١٨٦] الهدية التي وهبها لي الحق تعالى ، أعطني سمعي لكي أكون مسرورا ، ثم اتجه نحو السلطان وقال : الله بيني وبينك بالمرصاد ، إن رواية خبر عن المصطفى عليهالسلام ووعظ الناس لا يحتاجان إلى إذن من الملوك ، وإن عقوبتك هذه ليست في موضعها ، فخجل السلطان وطأطأ رأسه ، فانصرف من عنده (١).
وقد أورد هذا الفصل في خطبة كتاب التفسير : الزمان زمان السفهاء السفل ، والقران قران انقلاب النحل ؛ والفضول في أبنائه فضول ، وطلوع التمييز فيهم أفول ؛ والدّين دين ، والدنيا عين ؛ وإن تحلّى في الندرة أحدهم بالعلوم ، وادعى أنه في الخصوص من العموم ؛ فغايته أن يقرأ القرآن وهو غافل عن معانيه ، وتحلى بالفضل وهو لا يدانيه ؛ ويجمع الأحاديث والأخبار ، وهو فيها كمثل الحمار يحمل الأسفار.
__________________
(١) روى هذه الواقعة ياقوت في معجم الأدباء (٤ / ١٧٨١) والذهبي في سير أعلام النبلاء (١٨ / ١٧٣).