ومن منظومه ، قوله وهو يناجي ربه :
فما شئت كان وإن لم أشأ |
|
وما شئت إن لم تشأ لم يكن |
خلقت العباد على ما علمت |
|
ففي العلم يجري الفتى والمسن |
فمنهم شقي ومنهم سعيد |
|
ومنهم قبيح ومنهم حسن |
قال الأديب الكرّابيّ : إن قول المرء مخبوء تحت لسانه (١) ، مأخوذ من قول الحق تعالى (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ)(٢).
وروى الإمام الكرّابيّ هذا أنه كان لسفيان الثّوريّ مجلس ، كان الأخفش فيه حاضرا ، فقال الثّوريّ : ما ذا تقول في الفردوس ، أمذكر هو أم مؤنث؟ فقال الأخفش إنه مذكر.
فقال الثّوريّ : إن الحق تعالى يقول : (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٣) فقال الأخفش : إن المراد بذلك الجنة ، و (ها) عائدة إلى الجنة.
فقال الثّوريّ : ولماذا قيل الفردوس الأعلى ، ولم يقولوا الفردوس العليا؟
فقال الأخفش : أعلى على زنة أفعل ، وليس فعلى.
قال مصنف هذا الكتاب : رأيت كثيرا في الكتب أن فردوس ، معرّب كلمة بروست وفروست وهو بالفارسيّة نوع من أنواع البساتين (٤) ، والله اعلم.
__________________
(١) من أقوال الإمام علي (نهج البلاغة ، ٤ / ٩٤) ، وفيه : تكلموا تعرفوا ، فإن المرء مخبوء تحت لسانه ؛ الإرشاد للمفيد (١ / ٣٠١) ؛ عيون الحكم والمواعظ (ص ١٨ ، ٢٠١) ؛ المناقب للموفق الخوارزميّ (ص ٣٧٥) ؛ سبل الهدى والرشاد (١١ / ٣٠٠) ، ومصادر أخر.
(٢) سورة يوسف ، الآية ٥٤.
(٣) سورة المؤمنون ، الآية ١١.
(٤) الفردوس : فارسية معربة ، وردت في الأفستا الكتاب المقدس لدى المجوس ، وتعني البستان أو الحديقة (انظر : فرهنك فارسي ، فردوس).