يقول الإمام الكرّابيّ : ثلاثة من الأقوال مشهورة ، إلا إن قائلها مجهول [١٩٠] ولا يعلم أحد من قالها : إذا لم تستح فاصنع ما شئت (١) ؛ وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (٢) ؛ ومن طلب وجدّ ، وجد (٣).
ويقول عجبت لمن تحمل مشقّة تحصيل النحو عمرا ليصون كلامه من الخطأ ، لكنه غافل عن صيانة أفعاله من الخطأ ، لأن صيانة الأفعال من الخطأ أولى من صيانة الأقوال ، ثم أنشد هذين البيتين (٤) :
لبسنا للجمال لنا ثيابا |
|
وقد صدأت بقسوتها القلوب |
وأعربنا الكلام فما لحنّا |
|
ونلحن في الفعال فلا نصيب |
حمزة بن أحمد بن سعيد بن محمد البلخيّ (٥)
جاء إلى هذه الناحية قادما من بلخ ، ذاهبا لزيارة الكعبة سنة إحدى وثمانين ومئتين ،
__________________
(١) صحيح البخاريّ (٤ / ١٥٢ ، ٧ / ١٠٠) وفيه : «قال النبي صلىاللهعليهوسلم : إن مما أدرك الناس من كلام النبوة ، إذا لم تستح فافعل ما شئت» (انظر أيضا : مسند أحمد ، ٤ / ١٢١ ؛ سنن أبي داود ، ٤٣٦١٢ ؛ مسند الشهاب ، ٢ / ١٨٧ ؛ تاريخ مدينة السلام ، ٧ / ٢٧ ، ١١ / ٦١٣ ، ١٢ / ٧٧ ؛ ومصادر أخر).
(٢) نسب هذا الكلام للنبي (ص) في سنن أبي داود (٢ / ٤٩٢) ؛ وفي كتاب الدعاء للطبراني (ص ١٢) ضمن دعاء يقال في الصباح والمساء للحفظ من المكاره (انظر أيضا : حز الغلاصم ، ١٨ ؛ الأذكار النووية ، ٨١ ؛ سبل الهدى والرشاد ، ١٠ / ٢٣١ ؛ كنز العمال ، ٢ / ١٣٩ ، ومصادر أخر).
(٣) في فيض القدير (٤ / ١٤٥): «وفي الإنجيل : سلوا تعطوا ، اطلبوا تجدوا ، اقرعوا يفتح لكم ، كل من سأل أعطي ، ومن طلب وجد ، ومن يقرع يفتح له».
(٤) لم نجد قائلهما ، لكن يوجد ما يشبه البيت الثاني من حيث المعنى في اقتضاء العلم للعمل (ص ٩٢) نسب لبعض الزهاد :
لم نؤت من جهل ولكننا |
|
نستر وجه العلم بالجهل |
نكره أن نلحن في قولنا |
|
ولا نبالي اللحن في الفعل |
(٥) لم نعثر على مصدر لترجمته.