ثم إن المصطفى صلوات الله عليه قال بجواهر لفظه : يا ضبّ! فأنطق الحق تعالى ذلك الضب ليقول بلسان فصيح : لبيك يا زين القيامة ، لبيك يا شرف القيامة ، فقال للضب : من ربك؟ قال : الذي في السماء عرشه ، وفي الأرض سلطانه ، وفي الأرحام علمه ، وفي القبور قضاؤه ، وفي الجنة رحمته ، وفي النار عذابه ، فقال المصطفى : فمن أنا؟ فقال : أنت محمد رسول الله ، أفلح من صدقك ، وخاب من كذبك ، ثم تبسم الأعرابي ، فقال المصطفى : يا أعرابي ، إن الابتسام بهذا الموضع هو دليل الاستهزاء ، والاستهزاء دلالة عدم القبول ، فقال الأعرابي : لم يكن ذلك استهزاء ، فقد جئت إلى هذا المسجد وما على وجه الأرض أحد هو أبغض إليّ منك ، وأعود ولا أحد أقرب إليّ منك ، فأنا أشهد بالروح والقلب واللحم والدم والسمع والبصر والشعر والبشرة ، أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله.
[٢٠٤] أما ابنه الشيخ أحمد بن محمد بن عميرة ، فقد قال في مدحه الأستاذ يعقوب (١) في كتاب لباب الألباب : علت درجه فضله ، وأحمدت طريقته في نظمه ونثره ، وانقاد له نهج البلاغة ، فهو يسير فيه سير الجواد ، في الأرض الجهاد.
وعندما وصل العميد أبو بكر القهستانيّ (٢) الذي كان كاتب ومستشار السلاطين من العراق إلى نيسابور ، أرسل إليه الشيخ أحمد بن محمد بن عميرة قصيدة مطلعها :
بشرى بأن الدهر منجز وعده |
|
للشيخ مولانا ومطلع سعده |
فرد العميد أبو بكر القهستانيّ بأن نظم بين كل بيتين بيتا من عنده على البديهة ، ومما قاله الشيخ أحمد في تلك القصيدة :
__________________
(١) يعقوب بن أحمد المعروف بالبارع الكرديّ صاحب جونة الند الذي عرفنا به فيما مضى.
(٢) في مجمع الأمثال (١ / ١٩٧) : الشيخ أبو بكر علي بن الحسين القهستانيّ. وفي تتمة اليتيمة (ص ٢٦٤) : الشيخ أبو بكر علي بن الحسن.