جيب الغيب إلّا جواهر المسرة ، (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)(١) ، وأسعفت أشجار مساعيك بغوادي الأيادي ولواقح المنائح ، وطلعت شمس حسن الاتفاق في ليلك الداجي هذا من أفق التوفيق ، وانجلت تلك الغفلة والتقصير :
نفس المحبّ على الآلام صابرة |
|
لعلّ مؤلمها يوما يداويها (٢) |
فاسمع تعبير هذا الحلم لتعود رياض قلبك خضراء ، وتبسم شفتا مرادك : إن تلك البيداء هي مثال للموت ، وتلك الوحدة هي وحدة يوم القيامة (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)(٣) وذاك التراب هو تراب المذلّة والحسرة ، وذلك العري هو العري [٢٩٠] من العلم والطاعة والعبادة ، والجبل هو المظالم والخصوم ، وذلك الأسد هو المتقاضي لحسابك وقد جاء على أثرك ، وأعطاك كتابك بيدك فقلت (يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ ، وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ)(٤) والبئر هو جزاء أفعالك (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)(٥) فإلى أن ينظر العمال والموكلون في الحساب ، ينبغي لك أن تتأمل قليلا في حسابك ، «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا» (٦) :
تحاسب غيرك جهلا وتنسى |
|
سريع الحساب شديد العقاب |
__________________
(١) سورة الفرقان ، الآية ٧٤.
(٢) لم نهتد إلى قائله.
(٣) سورة الأنعام ، الآية ٩٤.
(٤) سورة الحاقة ، الآية ٢٦.
(٥) سورة المدثر ، الآية ٣٨.
(٦) شرح نهج البلاغة ، ١٩ / ٢٨ ، وفيه : جاء في الحديث المرفوع ؛ والكلام ينسب إلى أبي بكر الصديق (رض) تارة (انظر مثلا : تاريخ مدينة دمشق ، ٣٠ / ٢٠٢ ؛ كنز العمال ، ٥ / ٦٣٣) وأخرى إلى عمر بن الخطاب (رض) (انظر مثلا : سنن الترمذي ، ٤ / ٥٥ ، المصنف لابن أبي شيبة ، ٨ / ٤٩ ؛ الدر المنثور ، ٦ / ٢٦١ ؛ سبل الهدى والرشاد ، ١١ / ٢٧١).