قدرته كان قد أنزله من السماء ، وكلما أكل وألقى بعظامه فى الرمال ، فإنه يعود إلى الحياة من جديد ..». وقد أكلت أنا ـ العبد الحقير ـ من هذا السمك ، وكان لذيذا ، ومقويا ، بدرجة ملحوظة. وكانت الاسماك ، تسبح فى الرمال ، كما لو كانت تسبح فى البحر. ويطلق الآهالى عليها «هدية المائدة». (١)
لم تتوقف القافلة هنا ، بل استمرت فى سيرها ثلاث عشرة ساعة حتى وصلنا إلى قلعة الفحلتين :
مرحلة قلعة الفحلتين :
يسميها الآهالى وسكان المنطقة أيضا «صخرة السلام» ويقولون أن الرسول الكريم «صلىاللهعليهوسلم» عندما كان يمر من هذا المكان ألقى السلام قائلا «السلام عليكم يا جبل منوّر» فجاءه صوت من الجبل مجيبا «وعليكم السلام يا رسول الله».
وتسمى هذه المنطقة أيضا ، ولاية بلاد خيبر ، والقلعة مقامة فوق صخرة مدببة ، ويقال أن أول من أقامها عنترة. ولم يكن بها أحد ، ولم نشأ أن نصعدها ، أو نتفحصها. فى شرق هذه المنطقة ؛ توجد جبال بها عيون مائية عذبة من القاع. وقد قام الجميع بملئ قربهم منها.
فى هذه الليلة شن اليهود هجوما على القافلة كان من نتيجته استشهاد أحد الأكراد ، وقطع ثلاثة رؤوس منهم.
ديار خيبر هذه منطقة ذات رياض ، ورودها فوّاحة ، تعبق الجو بأريجها من مسافة بعيدة. أهلها شجعان ، لم يخمد حقدهم ضد العرب ، والمسلمين ، فما أن يروا عربيا مسلما ، فى أي مكان حتى يودون قتله ، ولكن الغريب أنهم كانوا يفتحون حدائقهم لحجاج بلاد الأناضول ..!!
وكما تسطر كتب التاريخ ؛ فإن الغزوة الخامسة للنبى الكريم «صلىاللهعليهوسلم» كانت على قلعة «فديك» فى ديار خيبر. وتنسب هذه القلعة إلى «فديك» أم عنترة ابن شداد الزنجية. كما كانت الغزوة السادسة أيضا فى هذه الديار ، ألا وهى غزوة أحد. وقد
__________________
(١) ربما يقصد الكاتب ، الضب الذى يظهر عقب موسم الأمطار. «المترجم».