وتحفظ فيها زيوت المصابيح. وأمام قبة الزيت هذه توجد نخلة محاط حولها بسور من القضبان ، وقد قام النبى الأمين ، بغرس هذه النخلة خصيصا ، بيديه الكريمتين. وتصطف الإيوانات على جوانب الحرم ، ويزدان بثلاث مآذن ، وداخل الحرم والجامع عامة ثلاثمائة عمود من الأعمدة المختلفة الأحجام ، والأشكال ، وفوقها ثلاثمائة كمر ، وقد زينت هذه الكمرات «الأحزمة». بالنقوش ، والزخارف المختلفة الألوان ، والتذهيبات ، وغطت القباب من نواحيها الأربع بالزجاج الملون ، الذى يملئ المكان ضياءا ، وبهاءا عند ما تشرق الشمس ، وتسطع أشعتها. وقد فرش الحرم بالأحجار الكريمة القيمّة والتى يصعب على أي أنسان تحديد قيمتها ، أو نوعها ؛ فبعضها عقيق أخضر ، أرجوانى ، وبعضها أصفر يرقانى ، ـ «فى لون اليرقات» والبعض أصفر ، «بالجامى» ـ عسلى أو صوماكى ـ فى لون السمسم. وغطت هذه الأرضيات المزدانة ، بأفخر أنواع السجاد الذى قدمه الملوك ، والسلاطين ، والوزراء ، والأغنياء إلى الحرم النبوى الشريف مما أضفى عليه نوعا من الروحانية العلوية ، التى تشد المرء إلى طول الإقامة به ، والتشرف بالمثول فى حضرة ساكنيه فى كل وقت وحين. ولو لا أننى مولع بالسفر والطواف بالعالم لما برحت هذا الجامع النبوى الشريف طوال حياتى.
محفل المؤذن مقام على ثمان أعمدة ، صغيرة ، بالقرب من الروضة المطهرة ، ومحراب الإمام الأعظم ؛ صغير ، ولكنه بديع الصنع ، وعلى جانبيه شمعدانات ذهبية ، بقدر طول الرجل ، وبداخل كل منها شمعات ، طول كل منها ثمانية أشبار. وعلى الجانب الأيمن للمحراب ؛ يوجد المنبر الذى أمر السلطان مراد الثالث بصنعه ، من الفضة الخالصة ، والذى لم أر مثله فى العالم الإسلامي أجمع. وعلى الجانب الأيمن من المحراب ، أيضا ، يوجد محراب لكل من الإمام الشافعي ، والإمام المالكي ، والإمام الحنبلي ، وفى الناحية الداخلية لباب السلام ، وتحت الكمر ، توجد هذه الكتابة [هذا البناء المبارك لمولانا السلطان قايتباى عز نصره فى سنه؟] وهو باب روعة فى الفن ، صنع من النحاس الأصفر المصقول. وما أن يلج الزائر من باب السلام ، إلى الداخل حتى يرى هذه الأشطر التالية ؛ والتى كتبت بخط التعليق الجلي على لوحة من الورق الأزرق فى قامة الرجل ، وقد علّقت علي زاوية الجانب الأيسر :