يدون آخبار أسفاره .. ولكن حركة التنقل هذه حفزت الكثيرين من أهل العلم إلي تدوين مشاهداتهم ، فخرج من ذلك أيضا تراث في أدب الرحلات الإسلامي الشيئ الكثير ..
وإلى جانب التاجر ، وطالب العلم ، والحاج ، والسفير يقوم الرحّالة المحترف ، أو الهاوى برحلته من أجل الرحلة ذاتها .. ويدونها من وجهة نظره هو ..
ولما كانت الرحلة التى نحن بصددها ، تعتبر من رحلات الحج ، فيجدر بنا أن نلقي بعض من بصيص الضوء على رحلات الحج التي سبقت رحلة آوليا چلبى. والتى سوف نفرد لها الحديث فى حينه ، وعند الحديث عن كتابه الشهير «سياحتنامه». حتى تعم الفائدة.
رحلات الحج (١) :
لم تنل كتب الرحلات التى ألفت في وصف طريق الحج ومشاعره المقدسة وآثاره ، ووصف المدينتين الكريمتين [مكة] و (طيبة) ما تستحقه من الدراسة ، مع إعتبارها من أوفى المراجع وأوثقها ، وأشملها ، عما يتعلق بالحجاز من النواحي التاريخية ، والإجتماعية ، والاقتصادية والثقافية ، والجغرافية منذ تدوين تلك الرحلات إلى عصرنا الحاضر.
مكة المكرمة من الناحية الثقافية :
ولقد كانت مكة ـ وما تزال ـ نقطة التقاء ، مركز تجمّع ، لجميع المسلمين من مختلف الأقطار الإسلامية ، ولهذا كانت من أقوى مراكز نشر الثقافة بين تلك الأقطار ، وكانت صلة وصل بين علماء الأقطار الإسلامية ، في شرق البلاد وغربها ، وشمالها وجنوبها فى مختلف العصور الماضية ، ومع انصراف العلماء وغيرهم عن الجزيرة العربية بعد الهجرة بما يزيد على نصف قرن من الزمان ؛ أي منذ انتقال مركز الخلافة منها ، وبأنتقال الخلافة. والسلطان ، والدولة تنتقل الرغبات ، وتتجه الابصار
__________________
(١) آخذنا هذا العنوان ، وهذا الجزء بتصرف عن كتاب ؛ فى رحاب الحرمين (١) أشهر رحلات الحج ـ ١ ـ ملخص رحلتى ابن عبد السلام الدّرعي المغربي المتوفى سنة ١٢٣٩ ه ـ تأليف ؛ حمد الجاسر ، الطبعة الأولى شوال ١٤٠٢ ه ـ أغسطس ١٩٨٢ م منشورات دار الرفاعى للنشر ، والطباعة ، والتوزيع. بالرياض. م. ع. السعودية.