الروضة المطهرة والقبر النبوى الشريف
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧))(١)
لتبدأ أولا فى بيان سبب بناء مخزن السر الإلهى هذا ؛ فلقد نزلت الآية الكريمة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣))(٢) فى السنة الرابعة عشر للهجرة النبوية فى حق أهل بيت المصطفى ؛ أى فى حق سيدنا على ، والحسن والحسين وفاطمة الزهراء.
ولما كان هناك احتمال فى المستقبل أن تتوحد كلمة المشركين ، والمنكرين ؛ ويحاولون إصابة جسد النبى الطاهر بأذى ؛ لذلك ؛ فقد قرر أهل بيته الكرام ، وصحابته الميامين ، ضرورة المحافظة علي الجثمان الطاهر ، فبنوا قبة ، كبيرة ، تقيه شرور المنكرين الحاقدين. ثم أضاف المأمون بن هارون الرشيد (٣) العباسى إليها المبانى. وعند ما تولى نور الدين شهيد (٤) الحكم ، يقال أن الملعون عدو الدين
__________________
(١) سورة الأنبياء آية ١٠٧.
(٢) سورة الأحزاب آية ٣٣.
(٣) المأمون بن هارون الرشيد ؛ ١٧٠ ـ ٢١٨ ه ـ ٧٨٦ ـ ٧٣٣ م.
هو أبو العباس عبد الله بن هارون الرشيد ، هو السابع بين الخلفاء العباسيين ، والإبن الثانى للخليفة هارون الرشيد ولد سنة ١٧٠ ه ـ ٧٨٦ م. درس العلوم والأداب منذ صغر سنه على أيدى مشاهير علماء عصره. كما كان واقفا وقوفا كاملا على الأدب العربي والفلسفة وسائر العلوم الإسلامية. تولي منصب الخلافة فى بغداد سنة ١٩٨ ه ـ ٨١٣ م ، عيّن وهو فى خراسان عليّ بن رضا القاظم «رضى الله عنهم» وليا للعهد وهو الذى أمر تبديل الملابس الرسمية من اللون الأسود إلى اللون الأخضر ، وكذلك العلم ، كان عادلا وحكيما طوال فترة حكمه. أمر بترجمة الكثير من الكتب عن اليونانية ، واللاتينية ، والفارسية إلى اللغة العربية وكان يمنح المترجم وزن الكتاب الذى بترجمة ذهبا. أسس المجالس العلمية ، وكان يحضر بنفسه جلساتها العلمية. مرض أثناء توجهه إلى محاربة الروم. وتوفى هنالك. ودفن بالقرب من طرسوس. يعتبر عصره عصر ازدهار للعلوم والفنون ، وتكاملت فى عصره معالم الحضارة الإسلامية. «المترجم»
(٤) نور الدين شهيد : هو نور الدين زنكى ، ونور الدين محمود زنكى ، الملك العادل أبو القاسم بن عماد الدين زنكى بن أقسنقر ؛ الإبن الثانى لعماد الدين زنكى مؤسس دولة الآتابكة فى نواحى الموصل والجزيرة. ولد سنة ٥١١ ه / والده سنة ٥٤١ ه.
فتولى أخوه سيف الدين عرش الموصل ، وقام هو بتخليص حلب من بنى الأرقط ، وأسس بها ملكا ، وكون دولة بعد ضم حماة ، وحصب ، وبعلبك ، ودمشق. واستطاع أن يستخلص مدنا وبلادا كثيرة من الصليبيين منها مرعش ، والرقة ، ويانياس. كان نور الدين ملكا ، شجاعا ، وعادلا ، محبا للعلم ، والعلماء ، والأدب ، والأدباء ؛ صاحب خيرات كثيرة ، مما جعل ـ حتى ـ أعداءه يبهرون بعدله ، ومنجزاته. أنشأ الكثير من المدارس والجوامع والمبرات فى كل من حلب ، وحماة ، وحمص ، ودمشق ، وبعلبك. كما أمر بإنشاء مستشفى كبير فى دمشق ، أوقف عليه ، أوقافا كثيرة ، وجلب إليها أشهر أطباء عصره. سار على منواله صلاح الدين الأيوبى فى مصر. توفى نور الدين سنة ٥٦٩ ه