مشقة جامة فى سبيل الحصول على الماء. ويعرض التجار الذين يفدون من أقاليم الدنيا السبعة ، بضائعهم فى المدينة ، والآهالى يعملون بالتجارة. وأبواب المدينة ، ومحلاتها مفتوحة ليلا ونهارا طوال أشهر رجب وشعبان ، ورمضان ، ويضيئون المدينة ليلا بمئات الألوف من القناديل. ولكن العيد الحقيقى للآهالى هومجئ الحجاج المسلمين. حيث يأتى معهم المحمل (١) والصرة والهدايا ، والأعطيات. فيرتدى الآهالى أفخر ما عندهم من ثياب ، ويدعون الحجاج إلى بيوتهم ، ويعقدون معهم صداقات حميمة ، ويؤدون معهم مناسك الزيارة وهذا مما لا شك فيه يحقق لهم مكاسب عدة. والسلام
ضاحية المدينة المنورة :
وتقع هذه الضاحية قبالة القلعة ، وأطرافها الشمالية ، والغربية والجنوبية ، كلها عبارة عن قصور ، وبيوت ذات حدائق ، غناء ، وبساتين يانعة ، والمدينة عبارة عن سبعة أحياء ، بها ألفين منزلا ثنائية الطوابق تستجلب أشجارها ، وأخشابها ، من مصر عن طريق السويس ، إلى ينبع البحر ، ومن هناك بالجمال ، إلى المدينة. ويصنع أهل المدينة من هذه الأشجار ، والأخشاب منازلهم. وحول المدينة كلها ، ومن جهاتها الأربع ، وادى جاف ، وكأنه للمدينة بمثابة الخندق.
وفوق محرابه نقشت الآية (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً)(٢). وليس له فناء ، ولكن له إيوان خارجى ، أما داخله فمفروش بالأحجار الصغيرة «الحصى» والدعوات فيه مستجابة لإن المصطفى (صلىاللهعليهوسلم) قد دعى بذلك.
__________________
(١) المحمل : المحمل الشريف : مصطلح إدارى يستخدم للدلالة على الوسيلة التى كانت تستخدم لحمل ، ونقل الصرة الشريفة ، وستارة الكعبة ، والهدايا المقدمة من السلطان ، أو والى مصر ، أو الحاكم ، أو الخليفة ، إلى الحرمين الشريفين ، وأهل الحجاز ، والمجاورين ، والدارسين فى الحرمين ، وكانت هذه الأمتعة تحمل على الجمال ، وكان السلطان فى الآستانه ، أو والى مصر يشيع بنفسه المحمل الشريف عند سفره إلي الحجاز فى موسم الحج. وكان يرافق المحمل آلاى الصرة .. وكانت هذه المراسم تتم فى آواسط شهر شعبان من كل عام. وسط احتفالات ، ومراسم شعبية ورسمية بديعة. وكان كل والى يتولى شئوون المحمل ورعايته خلال مروره عبر حدود ولايته .. ثم يتم استقباله من قبل الوالى فى الولاية التى سيد خلها حتى يتم الاستقبال النهائى من قبل والى الحجاز وأمير مكة والشريف وآغوات الحرمين ، وقائد الحامية العسكرية فى كل من المدينة المنورة ، ومكة المكرمة ، وسط حفاوة بالغة. (المترجم)
(٢) سورة آل عمران آية ٣٧.