وفى فناء الضريح ؛ يوجد بئر ماء. ولحكمة إلهية ؛ فإن تراب هذه المنطقة المحيطة بالضريح أبيض ، مع أن تراب هذه المنطقة بأسرها أحمر ، وسبب هذه الحمرة ، هو الدماء الذكية ، التى سالت بسبب سقوط سن النبى هنا. وإذا ما مسح الزائر أسنانه بهذا التراب ، فإنه يأمن ألم الأسنان ، ونزلات البرد. وقد جرب ذلك ، فالله على كل شئ قدير.
وعلى بعد خمسمائة خطوة شمال هذه الربوة يقع جبل أحد ، وهو جبل أملس مرتفع ، جباله ، وصخورة حمراء ، به مغارات كبيرة ، وفى نفس المنطقة ؛ وادى يطلقون عليه «وادى مقتل حمزة» ، وهو مكان مهيب. وقد إختبئ الكفار فى هذه المغارات ، وانقضوا على سيدنا حمزه الذى استشهد ، وهو يقاتلهم. وقد عدنا مسرعين من هذه المنطقة ، بعد أن صلينا ركعتين لله. واتجهنا جنوبا ، وسرنا نحو مائتى خطوة حتى وصلنا إلى :
مزار ميدان الشهداء :
فقد استشهد فيه أكثر من ألف من الصحابة ، ولم تقام لهم أى قباب ، ولكن لبعض من مشاهيرهم شواهد قبور. ولكن عقب أمطار غزيرة ، حدث سيل عارم ، فجرف التراب ، والحصى الموجودة فوق أجساد ما بين سبعين أو ثمانين شهيدا ، لدرجة أن أجسادهم الطاهرة ظهرت للعيان ، وما أن سمع أهل المدينة بذلك ، حتى توافدوا ، فرأوا ما قرت به عيونهم ، وإطمئنت قلوبهم ، فقد رأوا الأجساد طرية ، ندية ، وكأن استشهادهم قد حدث توا. فالبعض دماءهم الذكية ، وكأنها ما زالت تسيل ، والبعض ؛ وكأنه مضطجع ، والبعض مقطوع الرأس ، والبعض بدون أذرع أو سيقان ، والبعض ، وكأنه فى سنة من النوم. وهكذا شاهد الناس جميعا بعيونهم عظمة الشهادة فى سبيل الله ، والدين. وهفت نفوسهم إلى الشهادة فى سبيل رفعة الدين. وقام المدنيون بتورية هذه الأجساد الطاهرة من جديد ، وأمر شيخ الحرم ، بإقامة جدار طوله أربعمائة خطوة ، ناحية الوادى حتى يمنع وصول السيول مرة أخرى.
وشرط الزيارة هنا ؛ أن تكون وقت السحر ، وأن يكون الزائر عاري الرأس ، حافي