ويؤدّى فيه الحجاج ركعتين سنة الإحرام ، والمسجد مفروش من الداخل بالرمل ، وفى هذه المنطقة ؛ يرتدى الجميع ملابس الإحرام البيضاء ، وتعلو أصواتهم بالتلبية «لبيك اللهم لبيك» ، وتعج الجبال ، والوديان بأناس وقد تدثروا ، في ملابس إحرامهم البيضاء ، وتصدح تلك الجبال والوديان بتلبياتهم.
أدينا فى نفس الموقع صلاة العشاء ، وأشعلنا المشاعل ، ثم بدأنا نسلك طرقا ، أكثر تعبيدا ، مارين من داخل القرى التابعة للمدينة. وبعد آبار على هذه ، تبدأ حدود مكة ، وقد مررنا بقرى ذات حدائق وبساتين ، وإستمرت مسيرتنا تنثا عشرة ساعة حتى وصلنا إلى :
منزل مقابر الشهداء :
فى هذا المكان كانت قد وقعت حرب ضروس بين المسلمين وكفار مكة فى عهد النبى صلىاللهعليهوسلم ، واستشهد فيها أكثر من ألف من الصحابة الكرام .. تنتشر فى المكان النباتات الشوكية .. وقد مكثنا فيه بعض الوقت حيث أحضر البدو ما فى حوزتهم مما يأكل ، أو يشرب ؛ لكي يبيعونه للحجيج.
عند السحر ، بدأنا المسير حتى وصلنا إلى «حوض إبن مسعود» الذى كان خاويا تماما من المياه ، ثم مررنا ببركة شيخ الحرم وسبيله. وفى وسط منطقة صخرية ملساء ، توجد قاعة صغيرة تسمى «مصطبة الغزال». حيث قد مر الرسول (صلىاللهعليهوسلم) ، بهذه المنطقة ، فرأى صيادين ، وقد هموا بذبح غزال ليأكلوه ؛ فأنطق الله سبحانه وتعالى الغزال وقال :
«.. يا رسول الله ، لابد أنهم سيأكلوننى ، ولى صغار ينتظروننى ، ولا بد أنهم يتضورون جوعا ، وسيموتون إذا لم أعد ، فلأذهب إليهم ، وأشبعهم ، ثم أعود إلى هنا مرة أخرى ، وليذبحوننى عندئذ ويأكلوننى» .. فيقول المصطفى صلىاللهعليهوسلم للصيادين .. «اتركوا هذا الغزال ليرضع صغاره ، وأنا كفيل بعودته ، فإذا لم يعد إذبحوننى أنا. بدلا منه ..» وما أن سمع الصيادون الكفرة ذلك حتى أطلقوا سراح الغزال قائلين ، لنر كيف تكون النهاية.
يصل الغزال إلى صغاره. فيرضعهم حتى الشبع ثم يقول لهم .. [.. يا أولادى إن