والحطب إلى منزله ، جلست على صخرة لتلتقط أنفاسها ، وظنت أنها قد وضعت الحطب على الصخرة ، ولكن الحطب يسقط خلف الصخرة ، فيلتف الحبل المربوط به الحطب حول رقبتها ، فتخنق ، وتلفظ أنفاسها ، وهكذا أهلكت زوجة أبا لهب الذى نزلت فى حقهما سورة (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥))(١) وتحت رجاء ، وطلب الصحابة الكرام ، هدّمت القلعة لما عانوه من صعاب ، ومتاعب جامة فى الفتح.
وفى جنوب هذا الموقع ، تقام العبادة فى المحراب ، والصّفّة التى أقام الرسول الكريم خيمته بها. ونحو القبلة من هذا الموقع ، وعلى بعد خمسمائة خطوة ، وعلى جبل ، وعر ، منحدر ، يقع غار النبى.
غار النبى :
دخل الرسول الكريم هذا الغار ، وأخذ يدعو بالنصر المظفر لصحابته الميامين. وقد دفن بهذه المغارة كل من نال الشهادة ، وحظى بالإستشهاد فى معركة بدر من الصحابة. قام الرسول الأكرم ، بثمانية وعشرين غزوة ، وكانت غزوة بدر تلك ، وغزوة أحد ، هما أكبر هذه الغزوات جميعا.
وجنوب بدر حنين ، يوجد بئر بلا ماء ، وقد ألقيت فيه جثث الكفرة الفجرة الذين ماتوا فى هذه الحرب ، وكان ذلك بأمر الرسول الأكرم. وظلت جثة أبى جهل النتنة فى هذا البئر السحيق. ولا يطاق الوصول إليه لما ينبعث منه من رائحة كريهة. ويقال أن أنينا يصدر منه دائما ، ولكننى أنا العبد الحقير مررت من جانب هذا البئر ، ولم أسمع الأصوات.
وصف بدر حنين :
أطراف هذه المدينة الأربع صخور حمراء. خاضعة لقائمقامية (٢) الشريف على
__________________
(١) سورة المسد ، مكية.
(٢) قائمقامية الشريف ؛ قائم مقام ؛ معتمد أو وزير أو مسئوول يحل محل الصدر الأعظم أو الوزير أو الوالى فى الإدارة ، وكان هناك ديوان للقائمقامية وقائمقام فى الآستانه لإدارة الأمور السياسية والإدارية. كما كان القائمقام يتولى