فعاد إلى الشريف هدوءه ، وصوابه. وبعد أن شربوا القهوة ، والشربات قدم الشريف إلى الباشا هدية عبارة عن ؛ عشر زجاجات من العنبر ، وثلاث مسبحات من اللؤلؤ ، وعلبه من الجواهر الصغيرة ، وعشرة بقشات «صرات» من الأقمشة ، وثلاثة غلمان حبشيين. فما كان من الباشا ، إلا أن أخرج من حزامه خنجرا ، مرصعا بالجواهر ، ومنطقة فى خصر الشريف سعد. وكان الشريف شخصية جذابة ، كريم جوّاد ، أسمر اللون ، وهنا ودّع الباشا ، ومكث هو فى خيمته.
موكب عساكر مصر والشام فى مكة المكرمة :
فيما يلى أسباب تعيين حسين باشا ، وزيرا ، وتحت إمرته ثمانية آلاف جندى :
قبل الآن بسنة ، وبالضبط فى سنة ١٠٨١ ه ـ ١٦٧٠ م كان حسن باشا كتخدا عنكبوت أحمد باشا مكلفا بإعمار الحرمين الشريفين ، وتأمين أمنهما ، وجمع أموال الصرة ولم يستطع حسن باشا التعامل بحسم مع مواقف الأشراف ، أو التعامل والتعايش معهم ، وخلال السنة المذكورة وبينما حجاج المسلمين ، فى طوافهم حدث شغب مما دعى الحجاج للبقاء فى المسجد الحرام ، محتمين به ، وقد أغلقت كل الأبواب ، فصعد آلاف من أشقياء الأشراف المسلحين ، إلى جبل أبى قبيس ، ومنارات مكة ، ومدارسها ، الملتفه حول الحرم ، وأمطروا الحجاج بوابل من الرصاص ، فجرح سبعمائة حاج ، واستشهد مائتان ، وامتلئ الحرم الشريف بجثث القتلى ، وقتل حسن باشا نفسه. وسلبت أمتعة الحجاج ، والجند ، ونهبت حاجياتهم ، وبينما جند مصر ، وعساكرها عائدون إلى ديارهم قام الشريف حموده (١) بإعمال السيف فيهم فى مكان يدعى «نار» "Nar ".
وما أن سمع السلطان بهذه الكارثه الفاجعة ، حتى عيّن حسين باشا ، وزير الشام
__________________
وهناك بعض المعاهدات أو الأوامر التى كان السلطان يخط بيده ملخصها ، ثم يقوم الكتاب بكتابتها .. ويوقعها السلطان .. وكان من المعتاد ارسال خط شريف إلى شريف مكة سنويا لتثبيته فى مكانه ، أو تولية غيره .. «المترجم»
(١) الشريف حموده : هو الشريف حمود بن الشريف عبد الله الذى يبدأ به فرع العباد له كان يحكم مكة مع الشريف بن زيد سنة ١٠٧٧ ه ـ ١٦٦٦ م. ولما نشب الخلاف بينه وبين الدولة العثمانية أقام فى ينبع ، وقام بمقاومة القوات المصرية التى بعثت بها الدولة ضده. ولما اشتد عليه الضغط فر فيما بين البدو ولكنه فى سنة ١٠٨١ ه ـ ١٦٧٠ م عقد الصلح مع الشريف سعد ، وأنسحب الى الطائف. وتوفى هنالك سنة ١٠٨٥ ه ـ ١٦٧٤ م. (المترجم)