فصل فى إجلال وإكرام
بيت الله الحرام .. وبيان جميع آحواله
أولا ؛ إن الحقير إلى ربه آوليا منذ أن وعي الدنيا ، وشب عن الطوق وأصبح فى عمر الشباب ، وهو يتمنى من كل قلبه ، وروحه أن يكون مولعا بالسياحة ، وطالبا للرحلة ؛ وأنه كلما أمعنت النظر فيما ترى عيناى ازدادت رغبتى فى ذلك ، وأكون طوعا للمكان .. وأظل محبوس الفؤاد بالبلاد التى نزلت قدماي بها. وأمعن النظر فى سمائها ، لأرى نجومها السّيارة ، وأشاهد بروجها برجا ، برجا .. وأقطع لذلك المنازل وأطوى المراحل. وأسابق رياح الصبا فى قطع الديار حتى أصل إلى موطن الحبيب المصطفى .. وقد قضيت وقتا طويلا آحيانا فى الذكر ، وأحيانا فى قراءة المدائح النبوية ، وأحيانا فى تلاوة القرآن الكريم .. وأحيانا فى السير والمشاهدة ، والتطلع إلى كل ما يقابلنى فى المدن العظيمة ، والقلاع القديمة .. وأعبر الأنهار ، واتخطى الجبال والوديان وكنت كلما تواتينى الفرصة أرجع إلى علم الهيئة ـ «الفلك» وكتب الآطالس الجغرافية .. وأبذل الهمة فى تدوين ما رأيت ، وتوثيق ما كتبت ؛ واتخذ من همة الأوائل نبراسا أهتدى به ... وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى أتممت الحج فى سنة ١٠٨٢ ه وطفت ببيت الله العتيق .. وإلتزمت ـ بعد الإطلاع على بعض الكتب المعتبرة ، وأوصاف مكة المكرمة ، ـ أن أدون بعض من أحوال مكة ، وتجرأت على ذلك بعون الله .. وبالله التوفيق.
أولا ؛ خلق الله السموات والأرض من العدم يلفظ «كن» فيكون ، ثم استوى على العرش ، وفقا للآية الكريمة .. (... فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ..) ويسترسل المؤلف فى الحديث عن خلق السموات والأرض وما فيها من جبال ، ومياه .. ويفصل القول فى الجبال ويبين أن أعلاها على سطح الأرض مائة وثمان وأربعون جبلا .. وهم منبع المياه .. وأن جبريل الأمين بأمر من الله سبحانه وتعالى حوّل سبعة من هذه الجبال إلى رماد فى قبضته .. ومن تراب هذه الجبال السبعة أقام سيدنا ابراهيم عليهالسلام الكعبة ، وبناها .. وفى مكانها ذكر لهذه الجبال السبعة. ويقول أن سبب تسميتها بالكعبة لأنها مربعة الشكل. ويقول وأن سبب وصفها بالحرم ، هو تعظيم من الخالق لها .. وأورد المؤلف الآحاديث الواردة فى حق الكعبة المشرفة ... ثم يستعرض ما