فصل في أوصاف صفات البيت الحرام
وفتح مكة بيدي الرسول عليهالسلام
إن الكعبة الشريفة ، شرفها الله تعالى ، كما سبق القول مقامة فى وسط الحرم الشريف الذي فى وسعة الصحراء. وهى مربعة الشكل ، مبنية من حجر الصوان الزيتونى اللون ، ولكنه يميل إلى الصفرة قليلا. البناء متين ، وفى زوايا الآحجار توجد أحجار ناصعة البياض مجلاة كالثلج فى حجم الصندوق الصغير ، ومن مستوى الأرض تمتد إلى آعلا ، وإلى قدر علو المباني المكيّة ، وتصل إلى أربعة وعشرين ذراعا مكيا. أرضها ثلاثة وعشرين ذراعا ، وشبرا واحدا .. وارتفاع جدارها سبعة وعشرين ذراعا ، ومدار الحجر خمسة عشر ذراعا ، ويسمونه الحطيم .. وعلى الجهة الشمالية من الكعبة الشريفة يقع مزراب ذهبي ، تجرى فيه مياه أمطار الرحمة ، وتحت الحطيم يمر هذا الخط من الركن العراقى إلى الركن الشامي. ولكن هذا الحطيم كان قد خلع فى خلافة الزبير بن العوام ، فأعاد بناءه ، وألحقه بالبيت الشريف ، وجعله فى مساواة مباني مكة ، وجعل على جوانبه الأربعة نوافذ ، وشبابيك عليها بلور ، وزجاج مختلف الأنواع من الموراني ، والنجفى وبمختلف الألوان. وفتح الباب الشريف الذى كان مسدودا عن الركن اليماني ، وجعل للبيت الحرام كالأول إثنا عشر بابا ، وصرف عليها أموال كثيرة ، بحيث جعل خارج الحرم ، وداخله مزدانا بشتى أنواع النقوش ، والزخارف. بحيث من يراه. يرتل الأية الكريمة .. هذه جنات عدن (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) بحيث من يدخله من باب لا يوجد الخروج من الباب الآخر ، بل يتمنى لو ظل مخلدا فيه. والذين يطوفون بالبيت الحرام ، يدخلون من باب ثم يخرجون من باب آخر بعد الطواف .. ومنذ أيام خلافة الزبير بن العوام والأمور تسير على هذا المنوال. وبعده .. عند ما تهدمت الكعبة خلال حصار الحجاج الظالم لمكة المكرمة بعساكره الذين لا حصر ولا عدّ لهم ، والذين بلغوا ما يزيد عن ثمانين ألفا حسب بعض الأقوال .. ولقد وضع الحجاج المجانيق فوق جبل أبى قبيس ، وأخذ فى ضرب الكعبة ، والحرم حتى تهدمت الكثير من مبانيه .. وأخيرا تخلى الزبير بن العوام عن الحرب .. وسلّم مفتاح مكة للحجاج بعد أن أخذ الأمان .. ولكن الحجاج الظالم لم يدع عهده ، وعلّق الزبير بن العوام عند باب السلام ..