وجامع المهد هذا هو مسيرة ومنتزه ، ومستراح أهل مكة ... ومن الثابت أن الأمطار التى تهطل على سفوح جبل أبى قبيس تنزل إلى الصهاريج الموجودة. وفى الجهة الشمالية من جبل أبى قبيس هذا ، وعلى بعد مائة خطوة يوجد مطلع وفى نهايته تقع آعتاب تكية الشيخ اسماعيل ، وهى تكية عظيمة. مرتبط بها ثمانين أو سبعين نفرا من الفقراء ، وقد أقيمت على شاكلة قبتين متجاورتين ، والشيخ نفسه مدفون تحت واحدة منهما ، وهو من صحابة رسول الله ، ولها باب يطل على الناحية الغربية ، وعلى القرب منها مضيفة. وبعض الحجاج مع أهل مكة يأتون إلى هذه التكية ؛ ويتفرجون على المدينة ، ويشاهدون معالمها لإنها هى أيضا تقع على مرتفع عال ، يطل على كل المدينة .. ومن الناحية الشمالية لهذه التكية يتم النزول إلى وادى السيدة آمنه بنت وهب بعد خمسمائة خطوة كاملة.
* * *
أوصاف دار سعادة السيدة آمنه بنت وهب ؛ يعنى أم حضرة رسول الله :
إن حضرة صاحب الرسالة قد اشتاق للخروج من رحم أمه الفاضلة فى سنة ٨٨٢ من بعد وفاة الإسكندر ذو القرنين. وفى اللحظة التي خرج فيها إلي الحياة كان فى موسم نيسان ـ الربيع ، وفى العشرين من هذا الشهر ، أي في الليلة الثانية عشر من شهر ربيع الأول. وكانت ليلة الإثنين ، وبميلادة «صلىاللهعليهوسلم» أصبح العالم كله ضياءا ، وتحطمت كل الأصنام التى كانت على وجه الأرض ، وانطفئت كل نيران المجوس ، وتصدع إيوان كسرى ، وقبة الآياصوفيا ، وقبة القيزيل ألما. ولم يبق على سطح الأرض معبد ، أو دير إلا وأصابه التصدع ، وشملت سحابة خضراء ذلك البيت الشريف .. وظلت هذه السحابة اللطيفة تغيم فوق المصطفى طوال حياته المديدة ، والتى إمتدت إلى ثلاث وستين سنة كريمة. وكان صلىاللهعليهوسلم أينما اتجه ، تحوم حوله ، وتظل عليه تلك السحابة ذات اللون الآخضر ، بل ، وكان ذلك الغيث الأخضر ينهمر حيثما يكون عليه الصلاة والسلام ، ولم يكن ينزل إلى الأرض ، بل كان مطر رحمة ، وكان بأمر الله ، وبإشارة منه عليهالسلام ، كانت تلك السحابة تظل معلقة على مكان ما ، وكان مطرها ينزل بردا وسلاما كلما اشتاق إليه الرسول المصطفى. وحسب