مدح أهل مكة ، وأشكال السادات الكرام سكان بكة :
ليس بخاف على أهل العقول ، أن آق شمس الدين زاده حمدي چلبي فى كتابه المسمى (قيافتنامه) قد كتب عن أهل مكة يقول أن شمائل وصفات أهل مكة أنهم سمر البشرة ، وبعضهم احمر اللون ـ آشقر ، وبعضهم أسمر الوجه ، والمكيات غزلانية العيون حلوة الطبع ، ذات عينان حلوتان .. صبوحة الوجه ، بسّامة الثغر ، وضّاءة الجبين .. تصرفاتها تدل على أنها تصرفات الحسيب النسيب الذى ينتسب إلى آل هاشم .. ولكن بسبب شدة الحرارة ، والماء والهواء ؛ فإن آهل مكة نحاف البنية الجسدية ، ضعفاء .. ولذلك فهم ليسوا من أهل الحرف ، وليست لديهم القدرة على الآعمال الثقيلة ، أو المهن التى تطلب جهدا عضليا كبيرا. فهم يفضلون مهنة التجارة ، والبعض منهم يكتفى بالتعيّش على الصرة ، والعطايا السلطانية .. ولما كان آغلب سكان مكة من ذوى الطبيعة السوداوية ، فلذلك هم لا يأتلفون بسرعة مع الآهالى الوافدين للحج والزيارة ، بل يستخدمون الكلمات والعبارات الجافة ، فى البيع والشراء ، وتصدر عنهم عبارات يستشف منها الغضب ، والحدة .. ومن السنة المتبعة فيما بينهم أن المشترى لأى سلعة أو متاع ما لا بد وأن يسأل عن سعرها .. فإن قال التاجر مثلا بعشرة قروش. فإن قال المشترى بثمانية قروش ، فعلى الفور يغضب التاجر المكي. ويرفع السعر عن الثمن الذى قاله أول الأمر .. ولكن فيما بينهم ، فإنهم يتصافحون .. ويتساومون بالإشارات المعهودة فيما بينهم ، وبدون أي كلام كالإشراقيين ، ويتبايعون على الفور بالسعر الذى قيل فيما بينهم ، أول الأمر ، فهم لا يحبون الفصال والمساومة فيما بينهم ، إنهم حقا ، يتورعون عن الحرام ، يتسمون بالنظافة ، والطهارة ـ فجملتهم من العرق الطاهر ..
وقد حدث فى عصر قايتباى سلطان مصر ، وبسبب حركة عصيان ، قام قايتباى بإرسال إثني عشر ألفا من الفرسان ، وهاجم مكة على حين غفلة ، وقبض على سائر الأشراف ، ونفى الكثيرين منهم خارج البلاد ، وقبض على سبعة من الأشراف والسادات المكيين .. وأخذ العهد والميثاق من كل أهل مكة .. وجعل التجار ، ومن لم يتدخل فى العصيان يتعمم بعمامة بيضاء. وأن يركب الأشراف الذين شاركوا فى العصيان خيولا لا ذنب ولا ذيل لها .. وأن يركبون الخيل وهم حفاة الأقدام ..