الندابات بالدفوف .. ويفعمون بالمكان بصيحات التوحيد على مقام الحجاز .. وفى هذه اللحظات ؛ يكون الحانوتي ، والمغسل يقومون باعداده ، فيقصون آظافره ، ويمشطون لحيته ، ويطهرونه أولا بغير ماء ، ثم يوضئونه بماء زمزم ، فيبدأوّن بيديه ثم المضمضمة ، ثم الاستنشاق ثلاثا .. ثم وجهه ، فيده اليمني ثم يده اليسرى إلى المرفقين ، وتطبيقا للآية (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فيتم مسح ربع الرأس ، ثم يغسلون الرجلين ، وما أن يتم الغسل هكذا حتى يتسم الجسد بالنضارة ، وتعلو الوجه البسمة ، وينثرون من المباخر الكافور ، والعنبر على جوانبه الأربعة ، ويتلون القرآن الكريم من حوله ، أثناء الغسل ، ثم يبللون قميصا بدون ياقة ، والكفن بماء زمزم ويكفنونه. ثم ينثرون ماء الورد ، والمسك ، والعنبر الخام ، وماء الهندباء .. ثم يحيطونه بالزعفران الأحمر ، وينثرونه فوق الكفن ، وهم يرددون (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢٠١))(١) ، ثم يكتبونها ، ويضعونه فى التابوت ، وتوابيتهم ؛ ذات أربعة قوائم وعلى جوانبها الأربعة قضبان طولية ، وكأنها سلالم ، يضعون فوق التابوت غطاء من ستارة الكعبة ، وتسير كل الجماعة أمام المتوفى ، وهم يسيرون على صوت الدفوف ، وقد رفعوا الأعلام العباسية ، وهم يرددون (لا إله إلا الله) برتابة ، وصوف رخيم ، وعند الوصول كعبة الحرم الشريف ، يردد كل أهل الميت (لبيك اللهم لبيك) ويضعون المتوفى تحت المزراب الذهبي ، ويؤذن المؤذن لصلاة الجنازة ، وحتى لو كنا فى نصف الليل ، فالحرم لا يخلو من الطائفين .. وتقام صلاة الجنازة ، وفقا للشريعة المحمدية ؛ وبعدها يرفع آقارب المتوفى ، وأحبابه والأصدقاء الأوفياء التابوت على أكتافهم .. وعلى أمل أن يكسبونه ثواب الحج ، فيطوفون به سبعا وهم يلبون ، ثم يخرجون من باب الجنائز ، أو من باب الصفا ، ويمرون به من سوق الصفا ، والمروة .. ويكون حملة الدفوف مستمرون فى ترديد (لا إله إلا الله) وهم سعداء فرحين بلقاءه مع الله .. ثم يدفنونه فى مقابر الشهداء بالمعلا .. وبينما الإمام يلقنه ، يكون الجميع فى هدوء وسكينه ينسحبون من حيث أتوا .. وهم يرددون (ضيف الله رب العالمين) ويطلبون له الرحمة مرددين (يرحمهالله) أو (رحمة الله عليه). ومن المعتاد عند آهل مكة ؛ أنهم لا بد أن يذهبوا جميعا ؛ شيخا
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٠١.