أ ـ العثمانيون والحجاز
مكانة الحجاز لدى سلاطين آل عثمان :
كان للحجاز مكانة خاصة لدي السلاطين العثمانيين ، وكانوا ينتهزون الفرصة للتعبير عن محبتهم ، وإحترامهم لأمراء مكه ، وذلك لإنتسابهم إلي آل البيت. وقد حافظ العثمانيون منذ بدايات ظهورهم على مسرح التاريخ بعلاقات طيبة مع أمراء الحجاز ، ويكفى للتدليل علي ذلك ما قام به السلطان محمد الفاتح ، من مراسلات مع أمير مكة ، عن طريق العالم الجليل الحاج محمد الزيتوني ؛ حيث أرسل الفاتح يبشرهم بفتح القسطنطينية ، مرفقا الهدايا القيمة مع رسائل البشارة ، وما كان من أمير مكة إلا أن أمر بقراءة الرسالة المرسلة أمام الكعبة المشرفة ، وأردف ذلك بالدعاء للسلطان الفاتح ، ورد على هداياه بهدايا آخرى مع نجم الدين السيوطى.
لقد قام الفاتح في رسائله بإخبار شريف مكة بالفتح المبين ، وأنه حوّل كبرى كنائس القسطنطينية إلي جوامع ، وأن هداياه ما هي إلا تعبير عن حسن المودة ، وطلب الدعاء. ولم يغفل السلطان الفاتح صاحب السيادة على الحجاز آنذاك ؛ وهو السلطان المملوكي ، فخصه برسالة ، وهدايا قيمة هو الأخر ، وتبادلا رسائل التهنئة ، والمودة (١). وكانوا يحتضنون الأشراف والسادات (٢) الذين توطنوا الديار العثمانية ، وسمحوا لهم بإقامة التشكيلات الخاصة بهم ، والتى كان يباشرها نقيب الأشراف (٣) أولا بشكل مستقل ، ثم ألحقوه بالتشكيلات العلمية. وكان هذا المنصب يتوارثه الأبناء عن الأباء.
__________________
(١) إنظر هذه الرسائل المتبادلة بين الفاتح ، والسلطان المملوكى ، وأمير مكة المكرمة فى كتابنا «استانبول ؛ عبق التاريخ .. وروعة الحضارة ، القاهرة ج ١ ، ١٤١٩ ه ـ ١٩٩٩ م ص ٣٥ ـ ٤٨) ، وكذلك ؛ منشآت السلاطين لفريدون بك ج ١ ، القسطنطينية ١٢٦٤ ه. ص ٢٣٢ ـ ٢٦٦ ..
(٢) الأشراف والسادات : مصطلح إدارى كان يطلق على أبناء وأحفاد سيدنا الحسن حفيد النبى صلىاللهعليهوسلم ، أما هؤلاء الذين ينتسبون إلى حضرة الحسين فكان يطلق عليهم السادات. وكان لهم نقيب يطلق عليهم نقيب الأشراف ينظم حياتهم ، ويحفظ سجلاتهم. وكانت لهم مخصصات من الدولة ولنقيب الأشراف نواب فى كل الولايات يحلون محله فى حل أمور الأشراف. وكان منهم أمراء مكة المكرمة فى بعض المراحل التاريخية وكان العثمانيون يطلقون على أمير مكه «مكة شريفى» أى شريف مكه. وكان الشريف بركات يتبع إداره مصر عند الفتح العثمانى. وما أن علم بدخول ـ سليم الأول مصر (٩٢٣ ه ـ ١٥١٧ م) حتى أرسل اليه إبنه ومعه مفاتيح مكه والمدينة وبعض من الأمانات المقدسة. وبهذا انتقلت إلى الاداره العثمانية. (المترجم).
(٣) نقيب الأشراف والسادات : لقب ومنصب عرفته الحضارة الإسلامية ، ويطلق على المتولي لأمور المنتسبين إلي آل بيت