دخول الحجاز تحت الإدارة العثمانية :
لقد ظلت إمارة مكة المكرمة فى أيدى آبناء بنى هاشم ، والذين يطلق عليهم بنى فليطه ، وهم من آبناء ، وأولاد الحسن بن على بن أبى طالب (رضى الله عنهم) حتى نهايات القرن السادس الهجرى ٥٩٧ / ٥٩٩ ه ـ أى الثاني عشر الميلادى ١٢٠٠ / ١٢٠٢ م إلي أن تمكن أمير ينبع أبو عزيز قتاده بن ادريس ـ وهو بدوره من أولاد الإمام الحسن ـ من السيطرة عليها ، ولقد بقيت الحجاز تحت سيطرة أولاد ، وأحفاد قتاده إلى أن تمكن الملك عبد العزيز آل سعود من استخلاصها من أيديهم سنة (١٣٤٣ ه ـ ١٩٢٤ م).
لم يكن أمير مكة ، وأشرافها ، يتمتعون بالإستقلال الكامل ، بل كانوا دائما تحت نفوذ ، وسيطرة الدول التى تتشكل في مصر ، وكانوا يقرأوون الخطبة باسماء حكام هذه الدول.
وخلال إمارة قتاده بن ادريس ، كان الأيوبيون هم أصحاب الكلمة فى مصر ، وسوريا ، واليمن ، ولقد اعترفوا بإدارة الأشراف لمكة والمدينة .. ولما جاء المماليك ، ومن بعدهم العثمانيون اعترفوا بإمارة نفس العائلة على الحجاز ، وكانوا يبعثون إليهم بالفرمانات التى تعترف لهم بالإمارة ، وتصدّق لهم عليها ... إن وجود الحرمين الشريفين ، وما يمثلانه بالنسبة للعالم الإسلامي أجمع ، تحت سيطرة هذه الدول ، كان يحمل إلي جانب الأهمية السياسية ، أهمية دينية قصوى .. فقد كان ذلك يمثل نفوذا ، وإعتبارا معنويا لا يستهان به لهذه الدول ، بين شعوب العالم الإسلامي ..
ولقد حرص هؤلاء الحكام ـ وخاصة بعد سليم الأول سنة (١٥١٧ م ـ ٩٢٣ ه) على أن يلقبوا بالخليفة ، لكى يجمعوا بين السلطتين ؛ الدينية ـ والدنيوية.
وما أن أشيع أن السلطان سليم الأول قد انتصر فى مرج دابق سنة (٩٢٢ ه ـ ١٥١٦ م) ، واستولى على الشام ، وفلسطين ، وأنه قد انتصر على المماليك أيضا فى الريدانية سنة (٩٢٣ ه ـ ١٥١٧ م) ، وضم مصر إلى الدولة العثمانية ، حتى سارع أمير مكة آنذاك الشريف بركات بن محمد الحسني ، بإرسال نجله الشريف أبو نمي الذي كان لا يزال صبيا ، لم يتجاوز الثانية عشر بعد ، برفقة سفير يحمل الهدايا ومفاتيح مكة ليعرضها على السلطان العثماني فى مصر ، مقرونة بالتعظيم وخالص الدعاء.