يحمله الحجاج المصريون فى رحلة الذهاب والاياب من مكة والمدينة وجدة التى كانت تجمع فى خاناتها تجارة الشرق والغرب.
رافق أوليا قافلة الحج المصرى بعد أن شحن كتبه ، وهداياه مع بعض من عبيده ، وغلمانه فى إحدى السفن المتجهة إلى السويس بحمولتها من البن والدخان ، وبضائع الهند ، والصين ، وجاوه ، ورقيق الحبشة وأفريقيا.
ويذهب الرحالة الى مصر عبر طريق العقبة وطور سيناء حتى وصل إلى السويس ، ومنها إلى القاهرة مرورا ببلبيس والصالحية. ويسجل لنا أنه تردد بين القاهرة ، وبلبيس عدة مرات لاستقبال عبد الرحمن باشا الذى عيّن واليا على مصر فى (١٠٨٧ ه ـ ١٢ تموز سنة ١٦٧٦ م). وفى إعتقادى أن كتاب «سياحتنامه» أوليا چلبي من أدق وأوفى ما كتب عن الحجاز ومصر فى القرن السابع عشر ، فلو استبعدنا المبالغات فى تفسير بعض الظواهر لأعتبر هذا الكتاب سجلا وافيا لما كان فى الحجاز ومصر من أثار ، ومساجد ، وجوامع ، وتكايا ، وزوايا ومستشفيات ، وبيمارستانات ، وكنائس ، وخانات ، وقصور ، وبرك ، وترع ، وقنوات ، ومعسكرات ، وعائلات. وكذا مرجعا لا يستهان به للوضع الاجتماعى ، والاقتصادى ، والعسكرى ، والإدارى لمصر فى هذه الحقبة التاريخية الغامضة من تاريخ مصر. فقد طاف الرجل بكل مصر ، حيث ذهب إلى دمياط عن طريق النيل ثم إلى الاسكندرية ، ورشيد ووصف لنا كل مدن ، ومراكز وقرى الدلتا ، ثم رافق حامية متجهة إلى السودان فتعرف وعرّف لنا بكل مدن الوادى حتى وصل إلى أعماق السودان والحبشة وبلاد الفونج والتقى بملكها ووصف لنا ما كانت عليه هذه البلاد ، والقبائل من تخلف وما كان يسودها من عادات وتقاليد وأعراف (١).
بقى أوليا چلبى فى السودان ، والحبشة مدة طويلة ، وعاد إلى مصر عن طريق ساحل البحر الأحمر وسجل كل ملاحظاته ومشاهداته والتى كان يدعمها بالمراجع فى مجلدة العاشر والأخير فى مجموعة رحلاته.
__________________
(١) آوليا چلبي سياحتنامة س ، ج ١. ، استانبول سنة ١٩٣٨. وتعد ترجمته للنشر حاليا من قبل مترجم ، وناشر هذا الجزء. «المترجم»